أهمية البلوك تشين

كيف سيغير "بلوك تشين" معالم التسويق الإلكتروني؟ (1)

في الفترة اللي فاتت بقى صعب إنك ما تسمعش نقاشات كتير بتدور حولين "سلسلة الكتل-Blockchain"، وده لأنه في الوقت اللي ظهرت فيه حلول وابتكارات جديدة قدرت تعمل تغيير حقيقي في الممارسات التقليدية للبيزنس والأعمال التجارية في السنوات الأخيرة إلا إن في ناس كتير شايفين إن سلسلة الكتل أو البلوك تشين هي الأهم على الإطلاق.

وممكن نقول إن السبب الأساسي ورا الرأي ده هو إنها بتساهم في تطوير مجالات كتير على رأسها التسويق، علشان كده هنتكلم عن "البلوك تشين والتسويق" على حلقتين في الأولى هنوضح مفهوم البلوك تشين وعلاقته بالشركات والتسويق، وفي الثانية هنتكلم عن التغييرات المهمة اللي هتعملها التقنية الجديدة في عالم التسويق الإلكتروني.

في البداية خلينا نقول إنه إذا كانت التكنولوجيا الحديثة أتاحت للناس في كل أنحاء العالم إنهم يتواصلوا مع بعض بشكل مباشر من غير أي وسطاء وإنهم يتبادلوا الرسائل والصور والتسجيلات الصوتية بينهم، هنلاقي إنها ما قدرتش تحقق ده في الجزئية المرتبطة بالمعاملات المالية اللي فضلت محتاجة لوجود وسيط موثوق فيه (البنك، الجهات الحكومية..إلخ) علشان يتولى إتمام المعاملات دي بنجاح.

ودي الحاجة اللي قدرت تقنية البلوك تشين تغطيها وتشتغل عليها لأنها أتاحت للأفراد في العالم كله إنهم يجروا أي معاملات اقتصادية (تحويل فلوس، إبرام عقود، عمليات بيع وشراء.. إلخ) بشكل مباشر فيما بينهم، مش بس كده هي كمان سمحت للأفراد إنهم يشاركوا المعاملات دي مع بعض في قاعدة بيانات مفتوحة أو سجل إلكتروني عبارة عن سلسلة من الكتل غير القابلة للتعديل من أي جهة أو طرف.

والمقصود بالكتل هنا هي المعاملات اللي بيقوم بيها الأفراد المشتركين على الشبكة واللي بيقدروا يدخلوا عليها من خلال أجهزة الكمبيوتر أو السيرفرات المتصلة بالشبكة دي واللي بيسموها "العُقد" واللي بتكون مهمتها تخزين المعلومات الخاصة بكل معاملة وتوقيت حدوثها وعناوين المعاملات التانية المتصلة بيها في السلسلة.

ولأن أي معاملة بتحصل بتتوثق على طول على كل الكمبيوترات أو السيرفرات المتصلة بالشبكة هنلاقي إن أي شخص يقدر يدخل على موقع بلوك تشين الرسمي ويكتب رقم المعاملة وهيطلعله كل البيانات الخاصة بيها زي مثلًا: عنوان المُرسِل، والمُرسَل له، وقيمة المعاملة، ورصيد كل فرد، وده معناه إنه ما بقاش في حاجة لوجود جهة بتدير المعاملات بين الناس سواء كانت بنوك أو هيئات.

كمان وجود نسخة من كل المعاملات اللي بتتم على كل الكمبيوترات أو السيرفرات المتصلة بالشبكة في العالم بيدي الشبكة درجة أمان عالية لأن البيانات اللي عليها مش هتتأثر بالسلب لو حصل عطل أو أي عمليات قرصنة على بعض الأجهزة المتصلة بيها.

ولما نيجي نشوف أهم قيمة مضافة بتمتلكها التقنية دي هنلاقي إنها الـ"لا مركزية" ودي حاجة معناها إن أي حد يقدر يدخل بشكل مباشر على الشبكة ويتأكد بنفسه من أي معاملة هو قام بيها من غير أي وسيط، ده غير كمان إن المعلومات دي مفيش حد بيحتكرها ولا يقدر يتحكم فيها يعني أي جهة أو شخص يقدروا بسهولة جدًا يشوفوا قاعدة البيانات الكاملة للشبكة وتاريخها.

طيب دلوقتي طيبعي جدًا إن إحنا نسأل إيه علاقة ده بالشركات والتسويق؟
الحقيقة إن دي حاجة إجابتها بسيطة لأنه إذا كانت التقنية الجديدة هتتيح كم لا نهائي من البيانات المتعلقة بالمعاملات المالية والاقتصادية لعدد كبير من سكان العالم فدي حاجة بتشكل عنصر جذب للشركات والمسوقين، لأن في السنوات الأخيرة معظم الشركات بقت بتهتم بتجميع كميات هائلة من البيانات اللي بقوا بيبصوا ليها على إنها معلومات هتساعدهم في فهم العملاء بتوعهم بشكل أفضل، وبالتالي هيقدروا يحسنوا توقعاتهم التجارية وياخدوا القرارات الصح اللي في صالح البيزنس بتاعهم.

ومن ناحية تانية، هنلاقي إن شغل التسويق قايم بالدرجة الأولى على البيانات اللي كل ما كانت متنوعة، ودقيقة، وحجمها كبير، وبتتدفق وبتتحدث بشكل سريع كل ما قدرت تساعد المسوقين على تحقيق الأهداف التسويقية اللي عايزين يوصلوا ليها.

كمان في سبب تاني مهم يخلي الشركات والمسوقين في حاجة شديدة لتقنية بلوك تشين وهي إنهم بيعانوا من فترة في جزئية الإعلان الإلكتروني بسبب وكالات الإعلانات المحتالة، فوفقًا لدراسة عملتها وكالة "فورستر" الأمريكية المتخصصة في أبحاث السوق هنلاقي إن 56% من المبالغ اللي بتتصرف على الإعلانات الرقمية بتكون من نصيب وكالات محتالة، ده غير كمان إن في توقعات بإن خسائر الاحتيال الإعلاني تزيد وتوصل لـ50 مليار دولار في السنوات العشرة اللي جاية، ودي حاجة بتفسر لنا ليه في شركات كبيرة جدًا بدأت تخفض ميزانيات الإعلان بتاعتها.

ووسط الأجواء دي كلها هنلاقي إن تقنية البلوك تشين ممكن تلعب دور المنقذ بالنسبة للشركات والمعلنين لأنها بتمتلك الأسباب اللي تخلي عملية التسويق الإلكتروني فعالة وأكثر شفافية وده معناه تقليل معاناتهم مع الوكالات الإعلانية المحتالة، وده اللي هتعرفوه بالتفصيل في الحلقة الجاية.