لا تأتى الرياح بما تشتهى السفن دائمًا، وسواء قبلنا ذلك أم لا، قد نضطر في نقطة أو مرحلة ما إلى التخلي عن مشروعنا الناشئ والبدء بالتفكير في تصفية بضائعه، وبالرغم من أن هذه الخطوة ليست بالهينة ولاسيما على أصحاب المشاريع المتعلقين بأفكارهم، إلا إنها أيضًا يمكن أن تطبق باحترافية تساعد في تقليل الخسائر إلى اقل حد ممكن.
لذلك ومن خلال السطور التالية، سنجيب على أهم التساؤلات والنقاط التي يتم طرحها حول استراتيجيات تصفية البضائع والمشاريع، بداية من تحديد الفرق بين التصفية والإفلاس كمفهوم، مرورًا بتسليط الضوء على الأسباب التي تدفع بأصحاب الشركات إلى التخلي عن أفكارهم، وما الإجراءات التي يتبعونها في ذلك، وصولًا لتحديد أنواع التصفية المتبعة وأهم الاستراتيجيات الفعالة المعمل بها عند تصفية الشركات؟
كثير ما يخطأ أصحاب المشاريع في الخلط ما بين مفهومي التصفية والإفلاس، حيث يعتقدون أن كلاهما يرمز إلى نهاية المشروع والتخلص منه مسؤولياته للأبد، لكن ما لا يعرفونه هؤلاء ولاسيما المبتدئين منهم، أن هنالك فرق شاسع في المسؤوليات وطبيعة الالتزامات بين المفهومين.
فالتصفية كمفهوم يقصد بها العملية التي يلجأ إليها صاحب المشروع عندما يرغب في إنهاء أعمال النشاط بدون أن يخل هذا بحقوق العماليين فيه أو الشركاء أو الاحتفاظ بأي التزامات مالية اتجاه أطراف أخرى بما فيهم الدولة المقام فيها النشاط.
فالتصفية هنا هي إجراء تحتفظ فيها الشركة أو المشروع بشخصيتها الاعتبارية حتى النهاية، بحيث تقوم فيها باستيفاء جميع حقوقها وحصر جميع التزاماتها ولاسيما المالية منها والعمل على الوفاء بكافة الديون وما تبقى من أموال يتم تقسيمه على الشركاء.
تتولى عملية التصفية هنا أما صاحب المشروع في حالة ما إذا كان هو المالك الوحيد له، أو يلجأ إلى ما يطلق عليه المصفى، وهو شخص توكل إليه إجراءات تصفية الشركة أو المشروع في حالة ما إذا كان هنالك العديد من الشركاء أو التعقيدات القانونية للوفاء بالتزامات المؤسسة.
أما الإفلاس فهي خطوة يلجأ إليها صاحب المشروع عندما يعجز عن الوفاء بالتزاماته المالية لمديونين؛ بحيث يضطر إلى بيع كافة الأصول والممتلكات التابعة له، بحيث يغطى أكبر قدر من الالتزامات إذا أمكن، ويخضع حينها للعديد من المسائلات القانونية والتشريعية الصارمة.
لذلك عندما يتعلق الأمر بأهم الفروق بين التصفية والإفلاس، سيكون العامل الأبرز أن قرار التصفية يتم بنية الوفاء بالتزامات المشروع كليًا وإنهاء نشاطه، أما الإفلاس فهو العملية التي تخرج بها الشركة من سوق العمل عاجزة عن الوفاء بقدر كبير من التزاماتها المالية.
هناك أسباب كثير تدفع بأصحاب المشاريع إلى تصفية بضائعهم ولاسيما في خضم الأزمة المالية التي يتعرض لها السوق العالمي سواء من تذبذب قيمة العملات النقدية أو ظروف الحرب الأخيرة، وللأسف دفعت هذه الظروف الجديدة أصحاب الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى التخلي عن أنشطتهم رغمًا عنهم محاولة منهم للحفاظ على أنفسهم الأخيرة في سوق العمل، ومن بين هذه الأسباب الآتي:
يلجا أصحاب المشاريع إلى تصفية بضائعهم عندما يعجز المشروع عن تحقيق هامش ربح مجدي لفترة طويلة من العمل.
يتم تصفية الشركات غالبًا بسبب عدم اتساق أهدافها مع طبيعة السوق التنافسي والفشل في تحقيقه.
انتهاء المدة القانونية الخاصة بالشركة وعدم تجديدها.
انقضاء الشراكة بين أصحاب المشروع وبقاء شريك واحد فيها.
صدور قرار قضائي بوجوب تصفية المشروع وانتهائه.
عدم قدرة أصحاب المشروع على تحمل الخسائر لفترة طويلة.
إفلاس أصحاب المشروع وعدم قدرتهم على توفير الميزانية المالية اللازمة لمتابعة الإنتاج بسلاسة.
توقف نشاط العمل لمدة سنة أو أكثر بدون وجود مبرر مقبول.
عجز أصحاب المشروع عن الوفاء بالتزاماته اتجاه الأطراف الأخرى.
هذه الأسباب قد تحدث فرادة أو يجتمع على أصحاب المشروع سببين أو أكثر في الوقت ذاته، وعندما يحدث ذلك يصبح قرار تصفية البضائع قرارًا مصيريًا لا مهرب منه إذا ما رغب الشركاء في الخروج بأقل الخسائر الممكنة، وفي هذه المرحلة أما أن يتم تطبيق قرار التصفية الاختياري أو التصفية الإجبارية طبقًا للظروف المحيطة وقتها وطبيعة متخذ القرار كالآتي:
التصفية الاختيارية هي قرار يلجأ إليه أصحاب المشاريع والشركات عندما يستفتى الأعضاء كل السبل المتاحة للمتابعة المشروع نشاطه بدون أي عقبات أو التزامات مؤخرة. وفيه يتفق أعضاء الشركة بالإجماع على ضرورة وقف العمل بالشركة والعمل على الوفاء بكافة التزاماتها المالية وتوزيع ما يتبقى من رأس المال عليهم طبقًا لحصة كل منهما في أسهم الشركة.
عادة ما يتم اللجوء إلى قرار التصفية الاختياري للشركات أو المشاريع عندما يعجز المشروع عن تحقيق بعضًا من الأسباب السابقة والتي لا يدخل القانون طرفًا فيها مثل عجز المشروع عن تحقيق هامش الربح المرجو أو عدم اتساقه مع الواقع أو عدم رغبة الشركاء في إكمال الشراكة أو انقضاء المدة القانونية لها، أو عدم قدرة أصحاب المشروع على الوفاء بالتزاماتهم المالية بعد الآن.
تعد التصفية الإجبارية أصعب أنواع التصفيات وأكثرها تسببًا في أضرار بالغة، حيث عادة ما تتسع نتائجها لتشمل أصحاب الشركة نفسها مؤثرة على سمعتهم التجارية في سوق العمل، مما يجعل فرصة عودتهم إلى السوق التنافسي مرة أخرى والنجاح فيه واحدة من التحديات التي تحتاج إلى جهدًا بالغ للتغلب على آثارها.
تتعرض الشركات والمشاريع المتوسطة إلى قرار التصفية الإجبارية عند مخالفتهم للتشريعات والقوانين الحاكمة لكيفية إدارة الشركات، أو زادت نسبة خسائرهم عن نسبة 75% أو توقف نشاطها لسبب غير معلوم أو غير مبرر لأكثر من عام. وهنا تتدخل السلطة القضائية مجبرة الشركاء على وقف نشاط المؤسسة والعمل على تصفية كافة التزاماتها خلال فترة زمنية معينة.
تختلف قليلًا الإجراءات المتبعة عند تصفية الشركات ولاسيما الكبيرة منها عن تلك الإجراءات المتخذة عن تصفية البضائع في المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ كون الإجراءات في الأولى أكثر تعقيدًا وأطرافها متعددة ويدخل الشق القانوني في جزء كبير من معاملاتها إذا لم يكن كلها.
في حالة المشاريع الصغيرة عادة ما يكون قرار التصفية قائم من قبل صاحب المشروع ويتم فيه حصر الالتزامات المالية والإدارية والإنتاجية قبل اتخاذا القرار، ومن ثم العمل على الإيفاء بها كاملًا قبل إعلان وقف المشروع نهائيًا، أما في الإجراءات المتعلقة بتصفية الشركات بطريقة احترافية، فيتم تطبيق الخطوات الآتية:
اللجوء إلى مصفي قانوني: وهو كما وضحنا سابقًا شخص يخول إليه مهمة إدارة عملية تصفية الشركات بطريقة احترافية وقانونية بحيث يتم إرسال إشعار رسمي له ويقوم أعضاء مجلس الإدارة بإعلان انسحابهم من عملية الإدارة والتخلي له عن جميع الصلاحيات.
حصر كافة الالتزامات المالية للمؤسسة: بعد خطوة تولى السلطة من أعضاء مجلس الإدارة، يقوم المصفى القانوني بحصر شامل لكافة التزامات المؤسسة المالية والقانونية والإنتاجية وغيرها من الالتزامات بشكل دقيق ومحدد.
تحويل كافة الأصول إلى سيولة مالية قابلة للتداول: بعد معرفة كم الالتزامات التي على المؤسسة الوفاء بها، يقوم المصفى القانوني بالبحث عن السيولة المالية الكافية التي تجعله يؤدى هذه الالتزامات بسهولة، ومن أول الطرق التي يلجأ إليها هو بيع الأصول من عقارات وأجهزة وأراضي واستخدام أموالهم في تسديد الديون.
رصد الأرباح والخسائر وتجهيز تقرير مالي مفصل عنها: بجانب الخطوة السابقة، على المصفى القانونى أن يوفر تقرير مالي مفصل للشركاء بكل من الأرباح والخسائر والإيرادات والمصروفات، والميزانية المقرر العمل بها لتصفية جميع أنشطة الشركة.
تصديق الشركاء على القرارات والإجراءات المتبعة من قبل المصطفى: بعد انتهاء المصفى القانونى من الخطوات السابقة، يقوم بعرض كافة الإجراءات والتقارير الذى يوصى بها لتصفية الشركة بطريقة احترافية، ويطلب من أعضاء مجلس الإدارة التصديق عليها بالإجماع.
الوفاء بالالتزامات المالية وتوزيع الباقي من الأموال: بمجرد ما أن يتم الموافقة على الإجراءات المقترحة من قبل المصفي القانوني، يتم تنفيذها على أرض الواقع بشكل سريع وحازم بحيث تتجنب الشركة تكبد أي خسائر إضافية لا حاجة لها بها.
إعلان التصفية ووقف نشاط المشروع: بعد نجاح الشركة بشخصيتها الاعتبارية من الانتهاء من كافة التزاماتها بشكل محترف ودقيق، تقوم باتخاذ آخر خطوة في نشاطها وهي إعلان وقف خدماتها بشكل رسمي ومباشر للجميع.
في النهاية، يجب أن تعرف أن ليست كل المشاريع مقدر لها النجاح، وقد تدفعنا الظروف المحيطة يومًا إلى اتخاذ قرار صعب بتصفية النشاط التجاري والعودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى، مع ذلك فإن العودة إلى هذه النقطة ليست بخاتمة القصة إنما بداية جديدة لها، ولكي تكون هذه البداية بداية مختلفة بالفعل، يجب عليك ألا تكرر أخطاء الماضي وأن تبدأ من حيث أنتهى الأخرون متسلقًا مجدك الخاص.
لذلك عليك من الآن في البدء في الإحاطة بكافة علوم الإدارة الحديثة، بداية من دراسة أسباب فشل الشركات الناشئة وكيفية إدارة البيزنس وقت الأزمات، وصولًا لكيفية تطوير ونمو الشركات، وكل هذه وأكثر ستجده بالتفصيل في قسمي الإدارة وريادة الأعمال التابع لمنصة أكاديمية بيزنس التعليمية.
عملية فصل الموظف تكون قاسية بالرغم من كونها خطوة
تعد الأزمات الإعلامية ولاسيما المثارة على وسائط
لا تخلو الشركات-حتى الاحترافي منها-من وجود مشكلات
نظرة خاطفة إلى الأوضاع المالية للشركات في الفترة
لا تخلو الشركات-حتى الاحترافي منها-من وجود مشكلات
عندما تواجه الشركات عقبات فيما يتعلق بتحقيق أهدافها،
نظرة خاطفة إلى الأوضاع المالية للشركات في الفترة
كيفية إدارة البيزنس وقت الأزماتالأزمات التى أصبحت
تكلفة الفرصة البديلة في حالة تكاليف الإنتاج، عندما
قصص نجاح عن الاستثمار في وقت الازمات - ليا صديق كان
إزاي تستثمر فلوسك في أوقات الحروب؟!بيقولك عشان تحقق
الاستثمار وقت الازماتفي عام 2008 في أحد اللقاءات مع شركة
كيف تدير البيزنس في أوقات الازماتسوف نستكمل اليوم