دليلك لعالم الفرنشايز:بداية من المفهوم وصولًا لشروط الترخيص

ما هو الشيء الذي تملكه لكن يستخدمه الآخرون أكثر منك؟! … 

لغز طالما تشاركناه ونحن صغار محاولين أن نبدو أكثر ذكاء من الأخرين، وعندما يعلن الجميع عجزهم عن الإجابة، نصرخ قائلين: اسمك…. فيضحك البعض من سهولة اللغز، ويغضب البعض انتصارًا لكرامتهم، لكن يبدو أن أحد هؤلاء الغاضبين، قد أخذ المزاح على محمل شخصي كبير، محولًا هذه المزحة إلى نوع من أنواع الأنشطة التجارية الناجحة التي يتخطى استثماراتها في مصر وحدها ما يفوق الـ 80 مليار جنيه!  نشاط يسمى بالـ الفرنشايز franchise. 

ما مفهوم الفرنشايز؟ 

الفرنشايز franchise أو ما يعرف بحق الامتياز التجاري، نوع من أنواع الترخيص التجاري الذي يتم بين طرفين، أحدهما هو مالك العلامة التجارية ويسمى بـ مانح الامتياز franchisor، والطرف الأخر وهو المستفيد من استغلال اسم العلامة التجارية ويسمى بالـ Franchisee. 

 هذا هو التعريف الذي ستجده في أغلب المقالات والكتب الأكاديمية التي تناقش مفهوم الفرنشايز، لكن نحن هنا لنبسط الأمر ونجعله واضحًا أكثر، لنبدأ سويًا. 

دعنا نقول أنك-ولنقل اسمك محمد-تمتلك رأس مال جيد وترغب في امتلاك نشاط تجاري ناجح، لكن وسط التخبطات الاقتصادية العالمية ومع نسب نجاح المشروعات الناشئة والتي لا تتعدى الـ 10% في سنتها الأولى، يبدو هذا القرار محفوفًا بالمخاطر، ناهيك عن كم الوقت والمجهود الذي ستحتاجه أولًا لتمتلك الخبرة الكافية للإدارة والإنتاج. 

على الجانب الآخر، هناك-ولنقل محمود-يمتلك بالفعل علامة تجارية ناجحة للغاية، قد بذل جهدًا في تصميم منتج ينال إعجاب العملاء المستهدفين، بل ويلبى احتياجاتهم كذلك. تخبط قليلًا في البداية، لكنه الآن يمتلك نظام إدارة دقيق، يجعله قادر على مواصلة الإنتاج والتطور بشكل ملحوظ. 

مع محمد، تبدو المشكلة الواضحة، محمد يبحث عن نشاط تجاري قليل المخاطر، مع التحرر من شروط وجود منتج أو خدمة واختبارها ومن ثم تصميم نظام للإدارة والتوزيع ناجح لها. أما محمود فمشكلته تكمن في عدم قدرته على فتح فروع منتشرة حول العالم تحمل اسم علامته التجارية وإدارتها بنجاح، ناهيك عن رأس المال الذي سيحتاجه وعدد العمالة الضخم والتعامل مع عملاء مختلفين في الاتجاهات الشرائية والسلوك وكذلك التفضيلات. 

هنا يظهر الفرنشايز كحل سحري للطرفين، وذلك عن طريق إمضاء عقد امتياز تجاري، هذا العقد يجعل محمد قادر على فتح فرع خاص به يحمل اسم العلامة التجارية الخاصة بمحمود ويروج لنفس منتجاته ويحصل على الأرباح منها، وذلك بدون أن يتعرض لمشاكل قانونية تتعلق بحقوق الملكية وغيرها. 

أما محمود، ففي هذه الحالة، يكون قادر على نشر اسم علامته التجارية حول العالم، والرفع من قيمتها التسويقية في المجال، ناهيك عن الحصول على نسبة من الأرباح مجدية عند بيع المنتجات والتخلص من مخزونه بشكل دوري دون أي عناء منه. 

تبدو صفقة مربحة للجميع، أليس كذلك؟! حسنًا هذا بالضبط ما يسمى بالفرنشايز أو حق الامتياز التجاري، وهو كما وضحنا علاقة تجارية محدودة بمدة ينظمها القانون بين طرفين، أحدهم مالك لعلامة تجارية وأخر مستفيد منها، وخلال هذه العملية يتبادل الطرفان المنفعة سواء من نسب الأرباح التي يحصل عليها مانح الامتياز، أو الاستفادة من اسم العلامة التجارية وخدمات الدعم الإداري والتقني والتنظيمي الذي يٌعطى لممنوح الامتياز. 

ما الفرق بين عقد الوكالة بالعمولة وعقد الفرنشايز؟ 

في السطور السابقة وضحنا مفهوم الفرنشايز، لكن هذا بدوره سيجعلك تخلط قليلًا بين عقد الوكالة التجارية وعقد الوكالة بالعمولة وعقد الفرنشايز، والحق يقال أن هذا الخلط مفهوم قليلًا، ويرجع ذلك كون التشابه بين الأنواع الثلاثة كبير ولاسيما في الغرض النهائي منها، مع ذلك فالاختلافات بينهم يمكن تمييزها بسهولة وعلى أساسها يمكن معالجة هذا الخلط. 

1. لنبدأ بمفهوم الوكالة التجارية: 

تٌعرف الوكالة التجارية بكونها عقد حصري يتم منحه للتاجر أو صاحب نشاط معين، بحيث يمتلك هذا الشخص إمكانية التسويق والترويج لأحد المنتجات التي تحمل سمعة تجارية جيدة، بشرط أن يكون نشاطه هذا حصري في منطقة جغرافية محددة وظهوره للعملاء محدود في كونه وسيط بين العلامة وبينهم، وهو ما نراه بكثرة في جمل مثل وكيل معتمد للعلامة التجارية س. 

2. مفهوم الوكالة بالعمولة: 

تٌعرف الوكالة بالعمولة بكونها صورة من صور التعاون الغير مباشر بين العلامات التجارية والتجار، وفيها يختفي اسم العلامة التجارية من الصورة كمروج أساسي للمنتج، ويظهر الوكيل؛ بحيث يصل إلى العميل المستهدف أن نشاط (س) هو صاحب المنتج ص ومروج له لا العلامة التجارية الأصلية، حيث تظل الأخيرة مجهولة بالنسبة للعملاء.

حسنًا في الوكالة التجارية يظهر اسم العلامة التجارية واسم الوكيل سويًا بحيث يكلل تعاونهم عقد حصري بالترويج والتسويق للمنتجات، أما في حالة الوكالة بالعمولة، فيختفى اسم العلامة التجارية ويظهر اسم الوكيل فقط، ويتم تنظيم آلية التعامل مع الوكيل والعملاء بطريقة مباشرة لا تدخل العلامة التجارية طرفًا فيها سواء بالإدارة أو تحديد الأسعار. 

أما في الفرنشايز، فينصهر الوكيل والعلامة التجارية في صورة واحدة يتم من خلالها التعامل مع العملاء مباشرًا، بحيث يختفي الوكيل ويطغى اسم العلامة التجارية ويظهر الوكيل بنسخة طبقة الاصل من نشاط العلامة، سواء بالهوية البصرية لها أو بمنتجاتها أو بتسعير خدماتها أو بطريقة الإدارة والتصنيع أو حتى بأسلوب التسويق والبيع كذلك. 

والآن بعدما وضحنا الاختلاف الجوهري بين كل من عقد الوكالة التجارية وعقد الوكالة بالعمولة وعقد الفرنشايز، دعنا الآن ننتقل إلى السطور التالية للإجابة على سؤال هام: 

ما هي شروط منح الفرنشايز (عقد الامتياز التجاري)؟ 

شروط الحصول على الفرنشايز أو عقد امتياز تجاري سهلة للغاية ولا تتطلب إجراءات معقدة، كل ما عليك فعله هو إتباع الخطوات الآتية: 

1. أن تراجع شروط الشركة المانحة للامتياز جيدًا وأن تتأكد أن شروطها تتوافق معك، ويفضل أن يتم مراجعتها من خبير قانوني أولًا. 

2. أن تمتلك رأس المال الكافي لتغطية شراء حق الامتياز التجاري والرسوم الإضافية الخاصة به كذلك.

3. أن تمتلك موقع بالفعل يناسب متطلبات الشركة المانحة للامتياز. 

4. أن تقدم للشركة المانحة للامتياز كل من المستندات الآتية-مع العلم إنها تختلف من نشاط لنشاط ومن دولة لأخرى-: 

1. أن يمتلك ممنوح الامتياز ترخيص مزاولة المهنة أو النشاط ساري المدة ويكون متعلق بالمجال الذي يقرر الحصول على عقد الامتياز التجاري فيها.
2. تقديم السجل التجاري الخاص بالتاجر 
3. تقديم البطاقة الضريبية 
4. تقديم عقد الإيجار أو الملكية الخاصة بالمكان المقرر فتح النشاط فيه. 
5. تقديم شهادة إفلاس
6. تقديم شهادة بروتستو
7. تقديم صحيفة الحالة الجنائية 
8. تقديم توضيح من الموقف من التجنيد والتأمينات الاجتماعية كذلك. 

5. أن تقدم الشركة المانحة للامتياز لممنوح الامتياز دليل مكتوب شامل يسمى بمستند الإفصاح خلال 14 يوم على الاقل قبل إبرام العقد بين الطرفين. 

6. عقد اتفاق خاص بالسرية وعدم إفشاء المعلومات الحساسة التي يتم تقديمها في مستند الإفصاح. 

7. إلزام الشركة المانحة للامتياز بتقديم الدعم والخبرات التقنية والتسويقية والإدارية التي يحتاجها هذا النوع من المشاريع. 

كما هو موضح في النقاط السابقة، فعملية الحصول على فرنشايز ليست بالعملية الصعبة، بل في الحقيقة، إذا قارنت بين هذه الخطوات وبين خطوات تأسيس شركات كشركات التضامن مثلًا، ستجد الأخيرة أكثر تعقيدًا من هذه الحالة. مع ذلك يجب عليك قبل أن تتسرع في الإعجاب بهذا النشاط التجاري أن تعرف الآتي: 

ما هي مزايا وعيوب الفرنشايز؟ 

لكل نشاط تجاري مميزاته وعيوب، وبالرغم من كون صورة التعاون بين مانح الامتياز وممنوحه قد تبدو مثالية للوهلة الأولى، إلا إن هناك الكثير من النقاط التي يجب النظر إليها قبل الوقوع في غرام هذا الشكل، ولكي نكون محايدين، لنلقى نظرة سريعة على مميزات وعيوب الفرنشايز كالآتي: 

1. مميزات عقد الامتياز التجاري (الفرنشايز)

1. تمنح عقود الامتياز لممنوح الامتياز ميزة حصرية في السوق ولاسيما في المجالات التي تحتوي على نسبة منافسة صعبة، إذا اسم العلامة التجارية نفسها ومكانتها في السوق يوفر علياء عناء الوصول إلى الشريحة المستهدفة بسهولة. 
2. المخاطر التي تحيط بعملية إدارة الفرنشايز أقل بكثير مما يشتمل عليه عملية تأسيس نشاط تجاري من الصفر.
3. في حالة الفرنشايز، يمتلك الممنوح للامتياز ميزة الحصول على الدعم التقني والإداري من الطرف المانح للامتياز، وهو بدوره ما يجعله في غنى عن تصميم منتج جديد من الصفر أو اللجوء إلى خدمات استشارات مهنية وإدارية خارجية، فالمصدر الأساسي لنجاح النموذج، هو من يوجه ويساعده في عملية الإدارة. 
4. تكاليف الحصول على عقد امتياز تجاري أقل بكثير مما يشتمل عليه تكاليف تأسيس مشروع جديد، ناهيك عن تكاليف الدعاية والتسويق له، 
5. عقود الامتياز التجاري تكون دائمة محددة بمدة، مما يجعل العلامة التجارية قادرة على إنهاء العقد إذا تسبب المانح للامتياز بأي ضرر لصورة المنتج أو جودة الخدمة. 
6. كثيرًا ما يحتوي عقد الامتياز على تعاون في مرحلة ما قبل افتتاح الفرنشايز وبعده وأثناء إدارته، ويكمن هذا التعاون في صورة تدريب للعمالة واختيار الموقع والتصميم، تطوير المنتج، إدارة عملية التسويق الأولية، الدعم التقني المستمر. 
7. بالنسبة لمانح الامتياز، فإن الفرنشايز بمثابة مصدر دخل إضافي له دون أن يشارك فيه، فبسبب نجاح ممنوحي الامتياز في إدارة اسم العلامة التجارية بنجاح، فإن قيمة السوقية لها ترتفع وبالتالي أرباحه. 
8.  كل إضافة أو استراتيجية تسويقية أو نهج جيد يتم ابتداعه من ممنوحي الامتياز، ينسب تلقائيًا إلى كل الفروع التابع لها العلامة التجارية وصورتها الاعتبارية في السوق، وهو بدوره ما يعود بالنفع على صاحب الامتياز كونه استفاد من حملة تسويقية لم يدفع لها. 

2. عيوب عقد الامتياز التجاري (الفرنشايز)

1. بالنسبة لممنوح الامتياز فعادة ما تكون تكاليف الحصول على حق امتياز تجاري مكلفة للغاية ولاسيما إذا كانت العلامة التجارية تمتلك قيمة سوقية عالية في المجال. 
2. بالرغم من مميزات الفرنشايز، إلا إنه يظل عقد محدود المدة، أي بعد انقضاء هذه المدة، من الممكن أن يتخلى مانح الامتياز عن رغبته في التجديد معك، وبالتالي كل الجهود التي بذلتها لتطوير هذا الفرع وبناء مكانة جيدة له، سيستفيد منها منتفع أخر غيرك بكل سهولة. 
3. يبقى الفرنشايز صورة من صور الأنشطة التجارية الغير مباشرة والتي لا يمتلكها صاحبها، لذلك الجهود المبذولة في تطوير وتنمية هذا النوع من المشاريع لا تعود بالنفع على الممنوح للامتياز قدر ما يعود عليه هذا الجهد إذا كان يمتلك مشروع بالفعل.
4. كون كل استراتيجية جيدة تؤثر بالإيجاب على العلامة التجارية وكل الفروع التابعة لها، فأيضًا على أزمة أو خطأ وحتى إن اٌرتكب في فرع بعيد عنك آلاف الأميال، فإن سيؤثر عليك كذلك، بل قد تكون حملة مقاطعة تم إطلاقها في أمريكا، المسؤولة عن خفض مبيعاتك في مصر، وبالرغم كل هذا تكون مطالب بدفع الرسوم الخاصة بالانتفاع لمانح الامتياز حتى ولم تدر أي أرباح. 
5. لا يمتلك الممنوح من الامتياز رفاهية التعديل أو التغير في نظام إدارة الفرنشايز، برغم بعض الصلاحيات التي يمتلكها، إلا إنه يظل مقيد بالشروط الخاصة بالعلامة ونظامها وهويتها البصرية. 
6. الكثير من الشركات المانحة للامتياز، تضع شروط مبالغ فيها للسماح بالتجديد العقد، وهو بدوره ما يجعل ممنوح الامتياز متخاذل في أداء مهامه بأفضل طريقة كونه في النهاية قد لا تمنحه العلامة التجارية حق التجديد. 
7. كون تكاليف الحصول على عقد تجاري باهظة، يلجأ بعض ممنوحي الامتياز إلى التقليل من جودة الخدمات وذلك توفيرًا للنفقات وزيادة في الأرباح، وهو بدوره ما يضر بسمعة المنتج التابع لمانح الامتياز ويهدد بمكانته السوقية بين العملاء. 

بالنظر إلى ما سبق، يمكنك أن تلاحظ إن مميزات وعيوب الفرنشايز تكاد تكون متقاربة، الفيصل في شراء عقد الامتياز التجاري أو تأسيس نشاط خاص بك هو خبرتك الشخصية في المجال الذي ترغب في تأسيس المشروع فيه، بالإضافة إلى أي مدى أنت قادر على تحمل المخاطر والتعامل مع الأزمات باحترافية. 

أما فيما يتعلق بتكاليف حق الامتياز التجاري أو ما يعرف بالفرنشايز، فهذا يمكن تدبيره من خلال رفع المبيعات الخاصة بك، فإذا تمكنت من اختيار موقع جغرافي مناسب وقمت ببناء استراتيجية تسويقية وبيعية تناسب عملائك المستهدفين، ولا تتعارض مع نهج العلامة التجارية، ستتمكن في النهاية من الحصول على هامش ربح مجدي يعوض أي تكاليف أخرى.

أما إذا كنت أنت صاحب النشاط التجاري وترغب في الاستفادة من مميزات الفرنشايز، فتذكر لغزنا في السطور الأولى، اسم علامتك التجارية هذا سيستخدمه الآخرون أكثر منك بكثير، لذلك من البداية قم بوضع الشروط التي من خلالها يمكنك ضمان بقاء سمعة وجودة خدماتك كما هي دون ضرر، وفي نفس الوقت امنح الطرف الآخر بعض التسهيلات التي تجعله يستثمر كل جهده في إضافة لمسته الخاصة لنجاح تجربته الجديدة. 

عالم الفرنشايز كبير ولا يمكن حصره في بضعة سطور، لكننا حاولنا في السطور السابقة أن نلقى الضوء على أهم الأساسيات فيه، أم في سلسلة مقالاتنا اللاحقة، سنتدرج سويًا في هذا العالم حتى نجيب على كافة الأسئلة التي تراودك سواء كنت تبحث عن فرنشايز مناسب أو كنت انت صاحب العلامة التجارية التي ترغب في عرضه. 

أما إذا رغبت في دراسة الموضوع بشكل احترافي بحيث تتمكن من معرفة طبيعة الفرنشايز في مصر ورسومه وأنواعه وكيفية إداراته باحترافية، فأنصحك بالإطلاع على كورس الفرنشايز - حق الامتياز التجاري التابع لمنصتنا التعليمية، والذي بدوره سيجيب على جميع أسئلتك من أبسطها إلى أكثرها تعقيدًا بكل سهولة ويسر.