تشير الأرقام أن تكاليف استهداف عملاء جدد تفوق خمس أضعاف التكاليف التي يتم إنفاقها في سبيل الاحتفاظ بالعملاء الحاليين، وفي ظل المغريات المحيطة وتنوع أساليب الاستهداف من المنافسين، أصبحت النقطة الأخيرة مهمة صعبة هي الأخرى، بحيث وضعت أصحاب المشاريع في معادلة صعبة ما بين خسارة بعض من العملاء القدامى والإنفاق على عملاء جدد وما بين خسارة الأرباح والإنفاق ببزخ للحفاظ على وفاء العملاء؟
من النقطة الأخيرة ولد سؤال صعب على الساحة؛ متى يقرر صاحب المشروع التضحية بأرباحه؟ ومتى يقرر التخلي عن بعض من عملائه، وهل يوجد هناك شبه حل سحري لا يجعله يتخلى عن أي العنصرين؟ أم أن التضحية امر إجباري في بعض الظروف؟ حول كل هذا وأكثر سيجيب مقالنا هذا، لكن أولا لنفهم الأسباب التي تدفع الشركات إلى خسارة العميل أو الأرباح كالآتي:
ما الأسباب التي تدفع الشركات إلى خسارة عملائها؟
لا ترغب الشركات في خسارة عملائها، فبجانب إنها تنفق الكثير في سبيل استهدافهم بالفعل، إلا أنهم المصدر الأساسي لبقائها ووقودها الدائم للاستمرار، فإذا بدأت بالفعل في خسارتهم، سريعًا ما ستبدأ كرة الثلج في التدحرج ولن تستطيع المؤسسة وقفها أو السيطرة على حجم الخسائر فيها.
مع ذلك فإن خسارة الشركات لعملائها، أحيانًا ما يتم طواعية في سبيل الفوز بشريحة جديدة واعدة في السوق، وهو ما فعلته شركة نايكى عندما غامرت بالتعاون مع اللاعب الأسود أفريقي الأصل كولين كابرنيك وخاصة بعد عمليات النبذ التي تعرض لها، بعد ركوعه أثناء عزف النشيد الوطني الأمريكي في إحدى المباريات اعتراضًا على الهجمات العنصرية العنيفة من الشرطة الأمريكية ضد الأمريكيين ذو الأصول الأفريقية.
وبالرغم من أن اختيار كولين كابرنيك تسبب في خسارة شريحة كبرى من الأمريكيين البيض وخاصة التابعين للتيار المحافظ المتشدد، إلا إنها ساهمت في فوز نايكي بحصة كبيرة من الجمهور الأفريقي والذي كان صعب الحصول عليهم بنفس الزخم إذا لجأت الشركة إلى أي أسلوب دعائي آخر؛ وذلك لكون كولين كابرنيك رمز للمقاومة القوية، بجانب كون رياضي ناجح ومحبوب.
دراسة الحالة السابقة كانت مثال متعمد لشركة غامرت بخسارة شريحة من عملائها، في هدف كسب شريحة جديدة كليًا، لكن الوجه الآخر لهذا التكتيك هو الشركات التي تخسر عملائها بالفعل، ولا يد لها في ذلك، وهي في ذلك تخسر رأس مالها من عملاء وأموال بسبب لجوئها إلى أحد هذه الوسائل:
- إهمال تحديث البيانات التي تمتلكها من السوق وعدم مواكبة تغيرات الاحتياجات السوقية المستمرة.
- النظر إلى المنتج بنظرة صاحب المشروع لا بنظرة العميل المستهدف.
- الاستقرار الذي يدفع بالشركات إلى تجنب المخاطرة ومنح العملاء شيء جديدًا يسعون إليه.
- منتجات الشركة لا تبدو متسقة مع بعضها البعض وتخدم شرائح غير متصلة مما يصعب ارضائهم جميعًا بشكل مثالي.
- إهمال بناء صور نمطية إيجابية عن المؤسسة، والنظر إلى التسويق ولاسيما الرقمي كونه وسيلة جانبية يتم استخدامها عند الحاجة.
- إهمال الإحصائيات والأرقام في عملية التخطيط، والعمل وفق قرارات عشوائية لا ترتبط بالعملاء وحقيقة تصرفاتهم اتجاه العلامة التجارية.
- زخم العروض التسويقية بما لا يتوافق مع ما تمتلكه الشركة فعلًا من مخزون، مما يجعل العملاء يواجهون تجارب سيئة عديدة عند الطلب.
- ارتفاع أسعار المنتجات بشكل لا يتناسب مع طبيعة المنتج أو الخدمة المقدمة وكذلك طبيعة الأسعار المعروضة في السوق من المنافسين.
- سوء التعامل مع خدمات التوصيل وضعف مهارة العاملين في خدمة العملاء، وكذلك المسؤولين عن حل المشاكل والأزمات.
- فشل المنتجات في تلبية توقعات العملاء والبقاء في منطقة الأمان لفترة أكبر مما يحتاجه السوق لروح المخاطرة.
- تعقد المنتجات / الخدمات، بشكل يصعب على العملاء فهمه أو التعامل معه.
سجل واحصل على خصم 50%
ما الأسباب التي تدفع المؤسسة إلى خسارة أرباحها؟
عندما نتحدث عن خسارة الشركات للعملاء بشكل غير متعمد، فإننا بذلك نلقى الضوء أيضًا على الأسباب التي تسبب في خسارتها للأرباح بشكل غير مباشر كذلك، لذلك خلافًا للنقطة السابقة، سنركز في هذه الفقرة على التركيز على الأسباب التي تدفع بالشركات إلى خسارة أرباحها بشكل متعمد كالآتي:
- تلجأ الشركات الاحترافية إلى خسارة أرباحها في سبيل رسم صورة نمطية جديدة للعلامة التجارية، ولاسيما إذا كان الأمر في بداية المشروع.
- تقوم الشركات بخسارة أرباحها عندما تقوم طواعية بتخفيض أسعارها أو منح عملائها عروض حصرية بهدف مواجهة خطر منافسة ما أو رغبًا في تصفية مخزونها في أقرب وقت.
- تخسر الشركات أرباحها في سبيل مواكبة التغيرات السوقية المستمرة والتي فيها لا تعترض على إنفاق الكثير في مقابل استهداف شرائح جديدة أو تلبية رغبات جمهورها بأسرع وقت.
- تخسر الشركة أرباحها أيضًا عندما تعرض منتجًا جديدًا على الساحة، بحيث تقامر في هذه المرحلة على الانتشار لا على الربح.
- عادة ما تتجاهل الشركات نقطة الأرباح خاصة عندما يتعرض السوق لنقطة ركود مفاجئ؛ وهنا لا تهتم بالمال على قدر ما تهتم ببقائها في السوق التنافسي لأطول فترة ممكنة.
- تخسر الشركات أرباحها عمدًا في بداية تأسيس المشروع، وذلك لأن معظم هذه الأرباح يتم إنفاقها على التخطيط على المراحل التالية فيه وعلى إمكانية الاحتفاظ بالعملاء وتطويرهم.
- تخسر الشركات أرباحها أيضًا في سبيل الاحتفاظ بالعملاء الحاليين، وذلك بتقديم عروض حصرية وهدايا قيمة من وقت لأخر لتدعيم العلاقة بينهم ومنعهم من التأثر بأي وسيلة مشتتة من المنافسين.
- تخسر الشركات أرباحها طوعيا في سبيل الدخول في مخاطرات بعضها محسويًا والبعض لا، وذلك رغبًا في تجربة وسائل جديدة في جذب الجمهور.
- تخسر الشركات أرباحها بكثرة خاصة إذا قامت بارتكاب أخطاء في حق العملاء، بحيث تعمل على حل المشكلة أو الشكاوى بتنازل على جزء كبير من أرباحها في بيع المنتج / الخدمة، أو بتقديمها مجانيًا من الأساس، أو بمنح العملاء وسائل تعويضية أخرى كوسيلة للاعتذار.
- تخسر الشركات أرباحها عندما يكون رضا العملاء في مقدمة أولوياتها، بحيث لا تدخر شيئًا في سبيل منح العميل أفضل تجربة شرائية ممكنة.
- تخسر الشركات الاحترافية جزءً كبيرًا من أرباحها طواعية في سبيل تدعيم دور موظفيها في الحصول على هذا الربح، وذلك بمنحهم مكافآت حوافز مادية ومعنوية اعترافًا بهذا الدور.
10 نصائح احترافية للحفاظ على العميل والأرباح في نفس الوقت
خسارة العميل أم خاسرة الأرباح؟ معادلة قد تبدو أحيانًا صعبة الحل، لكن بالنظر إلى ما نتج عنه ثنائية العلم والتكنولوجيا، أصبح من السهولة الوصول إلى الحل المثالي الذي يساعد الشركات على فهم احتياجات العملاء وتغذيتها من ناحية، ومن ناحية أخرى تقليل الإنفاق وزيادة الربح، فنتج عن هذه الثنائية بعض من الحلول الاحترافية للحفاظ على العملاء والأرباح كالآتي:
- استخدام برامج الـ CRM، وهي برامج مخصصة لإدارة علاقات العملاء بكفاءة، بحيث تتبع نشاطات العملاء المحتملين وتقوم باستهداف الشرائح الجديدة وتدير الأنشطة معهم اعتمادًا على نظام الأتمتة وكذلك تحليل سلوكهم بالشكل الذي يجعل عملية التسويق والبيع تسير وفق بيانات وخطوات مدروسة وعلمية وتمتلك نسبة نجاح عالية.
- استخدام المؤشرات القياسية دائمًا، بهدف تنظيم العمل ليسير وفق أرقام وبيانات واضحة لا وفق مشاعر وقرارات متخبطة قد تؤدى بوضع النشاط في مرحلة الخطر والخسارة.
- العمل بذكاء لا بجهد، بحيث تلجأ المؤسسة إلى كافة الأساليب التقنية الحديثة في فهم العملاء وتحليل اتجاهاتهم، مما يوفر على إدارة التسويق وخدمة العملاء والبيع الكثير من الخطوات في فهم العميل وتجربة وسائل مختلفة لجذبه وإقناعه.
- استخدام الذكاء الاصطناعي ولاسيما بوت الدردشة وذلك بهدف توفير الأموال التي يتم إنفاقها على توظيف أفراد للعمل في خدمة العملاء، وكلما كان البوت مبرمجًا للتعامل مع المشاعر الإنسانية بكفاءة أعلى كلما كان أكثر نجاحًا في توفير المصروفات وزيادة الأرباح.
- تقليل التكاليف على جانبين، جانب العملاء وجانب المصروفات، بحيث تركز المؤسسة على تعظيم دور الـ Word Of Mouth من قبل العملاء، وتقوم بتنظيم عملية تدفق الأرباح من أكثر من مصدر بحيث لا تضع كل أموالها في سلة واحدة.
- تطبيق استراتيجيات مختلفة بصفة دورية، بحيث لا تؤدى بالعمل لدخول إلى منطقة الراحة والاستقرار السلبي، والذي فيه تتوقف الشركة على الفوز بإعجاب العملاء، ويتجه مؤشر أرباحها إلى الانخفاض.
- استخدام التقييمات الدورية على العملاء الحاليين، بهدف معرفة نسبة رضاهم عن الخدمة/ المنتج، وكذلك اقتراحاتهم للتطوير منها، فمن ناحية سيساعد هذا على منحهم الخدمة التي يطمحون لها بسهولة، ومن ناحية سيوفر على المؤسسة إنفاق الكثير في دراسة الجمهور المستهدف، وذلك لأن الجمهور بنفسه هو من منحهم ما يبحث عنه مباشرًا.
- القيام بالـ Rebranding متى احتاجت العلامة التجارية لذلك، ولاسيما إذا تعرضت الصورة القديمة لنوع من التشويه أو تعرضت قيمتها السوقية للهبوط.
- تنوع مصادر الربح الخاصة بالمؤسسة بحيث لا يتسبب أزمة واحدة إلى تعرض الشركة ككل لخطر.
- تقديم مكافئات واشتراكات عضوية حصرية للعملاء الأوفياء، بالإضافة إلى الاعتماد على وسائل التسويق العضوية والتي تساعد على جذب الجمهور دون الحاجة إلى إنفاق الكثير من الأموال.
في النهاية، فإن عملية الاحتفاظ بالعملاء والأرباح في نفس الوقت ليس بالعملية الصعبة، المهم هو أن تفهم المؤسسات طبيعة احتياجات السوق وإلى أين يتجه وما تأثير ذلك على تجارتها والطبيعة الشرائية لعملائها، ومتى فهمت ذلك، ستتمكن من إدارة برنامج مخصص يساعدها في إدارة علاقات عملائها بكل ذكاء واحترافية، وإذا لم تكن تدري الطريقة الصحيحة للقيام بذلك، إليك كورس إدارة علاقات العملاء المتخصص والمقدم من أكاديمية إعمل بيزنس.