التحرش في أماكن العمل.. جرائم مسكوت عنها

إحساس القلق والتوتر والخوف بيبقى مسيطر عليهم طول الوقت وبيبقوا عينيهم في وسط رأسهم وعدائيين وعدوانيين وكمان بيفقدوا الثقة في نفسهم ويبدأوا يشكوا فيها وفي اللي حواليهم، اللي إحنا بنحكي عنهم دول مش مرضى لا دول ضحايا العنف والتحرش في أماكن العمل اللي بيتحول مقر شغلهم بين يوم وليلة لمصدر عبء نفسي رهيب عليهم ممكن يقدروا يتجاوزوه أو يفضل كابوس ملازمهم طول حياتهم.

ولأن الموضوع خطير وبيعاني منه أعداد كبيرة معظمهم من السيدات هنلاقي إن في تحركات عالمية بتتم علشان تضع حد له، كان أخرها التحرك المهم اللي حصل في 21 يونيو اللي فات واللي فيه اتبنت الحكومات والجهات اللي بتمثل العمال وأصحاب العمل في العالم كله اتفاقية جديدة لمنظمة العمل الدولية بتتكلم عن وضع معايير عالمية علشان يتم وقف العنف والتحرش في عالم الأعمال.

ولأن يوم 25 نوفمبر من كل عام بيوافق اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة وبيتم فيه إطلاق حملة عالمية سنوية بتستمر لمدة 16 يوم بيتم فيهم تنظيم فعاليات للتوعية بوقف العنف القائم على النوع، دعا "مركز القيادة العالمية للنساء" الشركات ومنظمات المجتمع المدني للاحتفاء بالتحرك المهم ده خلال الحملة السنة دي بهدف تشجيع الحكومات على التصديق على الاتفاقية علشان تدخل حيز التنفيذ بهدف الحفاظ على سلامة وأمن الموظفين في منشأة العمل.

وبدورنا هنشارك في التوعية والدعوة لإنهاء العنف والتحرش في الشركات من خلال استعراض قصص حقيقية حصلت في العالم والطرق اللي تم التعامل بيها معاهم في البوست ده، وفي حلقة تانية هنتكلم عن الوضع في مصر والمبادرات اللي بتتم للحد من العنف والتحرش في أماكن العمل، وفي حلقة ثالثة هنقدم نصائح للشركات علشان يخلقوا بيئة عمل آمنة لموظفيهم.

في البداية، هنلاقي إن التعامل مع حوادث التحرش في أماكن العمل في أمريكا بيتم من خلال قانون الحقوق المدنية اللي صدر عام 1964 واللي بيمنع التمييز في العمل على أساس الجنس، أو اللون، أو الدين، أو العرق وده لأنه بيعتبر التحرش الجنسي نوع من التمييز على أساس الجنس.

كمان القانون ده بيمنع أصحاب الأعمال من معاقبة الموظفين أو الانتقام منهم في حال تقديمهم شكوى حول وقائع عنف أو تحرش اتعرضوا ليها في الشغل ده بالإضافة إلى أنه بيوفر حماية ليهم وللشهود اللي عايزين يدلوا بشهاداتهم حول الحوادث دي.

وبيكون في هيئة حكومية اسمها "مفوضية فرص العمل المتساوية" مسؤولة عن تلقي شكاوى الموظفين بخصوص أي تمييز بيحصل ضدهم في أماكن العمل، فهنلاقي إن الموظف بيدخل على الموقع الخاص بالمفوضية ويبعت شكواه اللي لازم ما يكونش مر عليها أكثر من 6 شهور.

وبالتبعية المفوضية بتخاطب جهة العمل بخصوص الشكوى علشان توصل لتسوية بين صاحب الشكوى وصاحب العمل من خلال وسطاء، ولو فشلت بتروح ترفع دعوى قضائية لصالح صاحب الشكوى قدام المحاكم الفيدرالية، كمان يحق للمفوضية إنها تسقط الشكوى أو تحفظها بس في الحالة دي بتقدم لصاحب الشكوى خطاب فيه نصائح وإرشادات عن حقه في رفع دعوى قضائية ضد المتحرش أو المعتدي أو الشركة.

ومن الوقائع اللي حصلت في المجتمع الأمريكي هي قضية "كاثي سوكول" اللي اتعينت رئيسة لقسم دراسات الضيافة والسياحة في جامعة سانت لويس وبدأت تلاحظ إن زميلها في القسم بيستخدم تعليقات ولغة ذات طابع جنسي، وده خلاها تتحرك وتقدم شكوى رسمية لإدارة الجامعة اللي ما أخدتش أي إجراء وده خلى زميلها يتمادى في سلوكه.

طبعًا ده انعكاس على بيئة العمل اللي بقت عدائية خاصة إن زملاء سوكول الذكور بدأوا يضطهدوها، وكمان إدارة الكلية بدأت تقلل امتيازاتها، ولأنها بدأت تتعرض لأزمات نفسية ونوبات قلق واضطرابات في النوم فده خلاها تاخد إجازة طويلة امتدت لشهور.

وبعد كده قررت سوكول إنها ترفع دعوى قضائية ضد إدارة الكلية لأنها اتعرضت للتحرش والتمييز والانتقام بعد ما بلغت عن الواقعة، وفعلًا قضت المحكمة بإن زملاء سوكول وإدارة الكلية انتهكوا حقها في الإبلاغ عن التحرش الجنسي وانتقموا منها وأخدت تعويض قيمته 55 ألف دولار.

في بريطانيا بقى هنلاقي إن التحرش في مكان العمل متجرم بموجب قانون التمييز على أساس الجنس اللي صدر عام 1975 وقانون التحرش اللي صدر عام 1997، ده غير كمان إنهم عاملين "محكمة العمل" اللي مخصصة بس للقضايا المرتبطة بالشغل والنزاعات اللي بتحصل بين الموظفين وأصحاب العمل علشان تسرع الفصل في القضايا دي.

كمان الدولة بتوفر محققين متخصصين ومتفرغين لنزاعات العمل، والموظف مش بيحتاج يدفع أي رسوم لو عايز يرفع دعوى أو يقدم شكوى مرتبطة بتعرضه للتحرش في مكان عمله لكن لازم يبلغ عنها خلال مدة ما تزيدش عن 3 شهور من وقوعها، وبيحق للمحكمة إنها تمنع النشر في القضايا اللي من النوع ده علشان تحمي الشخص اللي بلغ أو اللي رفع الدعوى.

وفي قضايا كتيرة حكمت "محكمة العمل" بتعويضات مالية لتعويض الضحايا عن الأضرار النفسية اللي اتعرضوا ليها، ومنهم نولين ماكلينون اللي خدت 12 ألف و293 جنيه إسترليني لما رفعت دعوى قضائية ضد الجمعية الأهلية اللي كانت بتشتغل فيها واستقالت منها بعد لما ما أخدتش إجراء تجاه تعرضها للتحرش الجنسي اللفظي والحسي من زميلها في الشغل واللي أثرت على مستوى عملها وحسستها بالضغط والإهانة.

وفي الهند تعتبر الواقعة اللي حصلت في عام 1999 في شركة "إنفوسيس- Infosys" واللي كان متورط فيها رئيس مجلس الإدارة فانيش مورثي بسبب توجيهه مضايقات جنسية لسكرتيرته الأولى من نوعها في عالم الشركات مش لأن بيئة العمل هناك خالية من الوقائع اللي زي دي لكن لأن الضحايا مش بيتكلموا وده خلى القضية تتغطى إعلاميًا بشكل كبير.

ورغم تقديم مورثي لاستقالته إلا إن الواقعة أثرت بالسلب على الشركة، ودي كانت خطوة خلت الشركات الهندية تقرر ما تتجاهلش مسألة التحرش الجنسي في مكان العمل وإنها لازم تحط سياسات واضحة ورادعة علشان تمنع وقوع الممارسات دي.

وفي النهاية، نقدر نقول إن التسويات اللي بتتم في معظم حالات العنف والتحرش الجنسي في أماكن العمل عمرها ما بتكون حل كافي لأن الوقائع بتتكرر وعدد الضحايا بيزيد ودي حاجة نقدر نمنعها لو أماكن العمل حطت سياسات صارمة أولًا لمنع وقوع الحوادث اللي من النوع ده وثانيًا للتعامل بحزم مع اللي يخترقها.