تسعى الشركات في كثير من الأحيان إلى الاندماج والاستحواذ على شركات أخرى للعديد من الأسباب الاستراتيجية؛ سواء لتعزيز قوتها عبر الاستفادة من نقاط قوة كل شركة تندمج معها أو تستحوذ عليها، أو لزيادة الحصة السوقية أو لتقليل المنافسة .. إلخ من الأسباب، لكن للأسف كثير من صفقات الاندماج والاستحواذ لا يُكتب لها النجاح في النهاية وتُصاب بالفشل.
بحسب ما نشرته مجلة هارفارد بيزنس ريفيو في عام 2016، فإن الدراسات تؤكد أن حوالي من 70% إلى 90 % من صفقات الاندماج والاستحواذ يكون مصيرها الفشل، بل الأمر ربما لا يقتصر على هذا فقط لأن الفشل أيضًا قد يطول الصفقة قبل حتى أن يتم الاتفاق النهائي عليها، فعلى حسب شركة الاستشارات ماكينزي mckinsey فإن 10% من صفقات الاستحواذ والاندماج يتم إلغائها قبل توقيع الاتفاق النهائي عليها.
والأسباب التي تؤدي إلى فشل عمليات الاندماج والاستحواذ كثيرة ومتعددة ومنها على سبيل المثال:
وإليكم بعضًا من أبرز عمليات الاندماج والاستحواذ التي فشلت بين الشركات وأسبابها:
عندما اندمجت شركة ديملر الألمانية المسئولة عن صناعة سيارات مرسيدس بنز مع شركة كرايسلر في أواخر التسعينات، نُظر إلى هذا الاندماج على أنه اندماج متساوي الكفة، لكن بعد بضع سنوات تحول إلى فشل كبير لعدة أسباب؛ أهمها أن ثقافة الشركتين المتضاربة جعلت فرق العمل في حرب بمجرد اندماجهم سويًا، وقد ظهرت الاختلافات في مستوى الرسمية وفلسفة حل قضايا الأجور والنفقات وأساليب التشغيل.
وبعد أن أصبحت الثقافة الألمانية هي المهيمنة وتراجع مستوى رضا الموظفين في كرايسلر الأمريكية، تعرضت شركة ديملر-كرايسلر في عام 2000 لخسائر ضخمة وبعدها بعام بدأت في عمليات تسريح الموظفين وذلك حتى باعت شركة ديملر شركة كرايسلر في عام 2007 مقابل 6 مليار دولار.
نتيجة تأخر مايكروسوفت كثيرًا في سباق الهواتف المحمولة مع نظامي أبل وأندرويد، وذلك على الرغم من إطلاقها عام 2010 لهواتف الويندوز التي لم تلقى النجاح المطلوب، رأى المدير التنفيذي السابق للشركة "ستيف بالمر" فرصة جيدة في الاستحواذ على شركة نوكيا التي كانت تتراجع في سواق الهواتف المحمولة أمام منافسيها في ذلك الوقت، وبالفعل تمت صفقة الاستحواذ مقابل 7.9 مليار دولار.
لكن سرعان ما فشلت هذه الصفقة خاصة بعد التخبط الذي عانى منه أول مشروع مشترك بينهم وهو خط الهواتف لوميا Lumia الذي لم يلقى النجاح، ومع خطة إعادة الهيكلة وتسريح العمال لتبسيط أعمال الشركة التي وضعها المدير التنفيذي الجديد لمايكروسوفت ساتيا ناديلا، تم الاستغناء عن 15 ألف عامل في نوكيا وتخفيض قيمة الاستحواذ في 2015 إلى 7.6 مليار دولار وفي عام 2016 باعت مايكروسوفت أسهمها في قطاع هواتف نوكيا العادية لشركة فوكسكون مقابل 350 مليون دولار.
في أوائل الألفية الثانية كانتا شركتي اتش بي وكومباك من الشركات الرائدة في عالم صناعة الحواسيب الشخصية، لكنها كانتا تخسران حصتهم في السوق حينذاك أمام منافسهم منخفض التكلفة "ديل Dell"، ورأت شركة اتش بي أن اندماجها مع كومباك التي كانت تحقق مبيعات سنوية بقيمة 90 مليار دولار ستمنحها حصة أكبر في السوق.
لكن الأزمة هو أنه على الورق كان الاندماج يبدو مفيدًا ومنطقيًا لكن المشكلة كانت تتمثل في أنه لينجح يجب دمج كيانين منفصلين ومعقدين للغاية معًا، وقد أدى الاختلاف الثقافي بين الشركتين وفقد تركيز إتش بي على قطاع الطابعات إلى خسائر كبيرة قُدرت بحوالي 13 مليار دولار من القيمة السوقية لشركة إتش بي التي فقدت نصف قيمة أسهمها في خلال عام واحد من الاندماج.
في النهاية، عمليات الاندماج والاستحواذ من عوامل التغيير الاستراتيجية المهمة للشركات والتي يمكن أن تساعد في تطور أعمالها، لكن فقط الأكثر ذكاءً وابتكارًا وأكثر قدرة على فهم الاختلافات، هم الذين يمكن أن ينتهي بهم الأمر بالحصول على نتائج إيجابية من تلك العمليات.
تتشابه شراكة العمل مع الزواج، فكلاهما ينظمهم إطار من
تعد الشراكة من أكثر الموضوعات المحيرة في مجال
تتشابه شراكة العمل مع الزواج، فكلاهما ينظمهم إطار من
تسعى الشركات في كثير من الأحيان إلى الاندماج