حينما نقرر الحديث عن العوامل الفارقة في ازدهار الشركات حول العالم في السنوات العشرة الماضية سنجد أن نموذج العمل القائم على الاشتراكات سيأتي في مقدمتها، إذ أنه ساعد العديد من المؤسسات على بناء علاقات ممتدة ومربحة مع عملائها وهو ما دفع خبراء إدارة الأعمال لوصفه بأنه "طريق المستقبل" الذي يتعين على جميع الشركات أن تسلكه لكي تنجح.
وتعود جذور نموذج عمل الاشتراكات للمؤسسات الإعلامية، وبالتحديد للصحف المطبوعة التي ظلت لعقود المصدر الموثوق للأحداث الجارية وعليه ابتكر القائمون عليها نموذج عمل تجاري خاص بهم يقلل من اعتمادهم على بائعي الجرائد وهو الاشتراكات، حيث يدفع العملاء رسوم متكررة شهرية أو سنوية في مقابل الحصول على أعداد الجرائد والمجلات.
وبالفعل بدأ موزعو الصحف توصيل الأعداد إلى الشركات ثم المنازل وأصبحت الاشتراكات مصدر أساسي للإيرادات كما كان لها الفضل في موازنة ثم نمو مبيعات الإعلانات بسبب ارتفاع معدلات التوزيع.
وفي عام 2010 بدأت الانطلاقة الحقيقية لنموذج عمل الاشتراكات في مختلف مجالات البيزنس لأن عدد كبير من رواد الأعمال كانوا بحاجة إلى دخل شهري ثابت لكي يدعموا التدفقات النقدية لمشروعاتهم ويضمنوا استمرارها وهو أمر وفره لهم هذا النموذج لأنه طالما أن العملاء يرون القيمة التي توفرها لهم الشركة سيستمرون في دفع الاشتراك ومع تكرار الدفع ستوثق المؤسسة علاقتها بعملائها وتطور منتجاتها وفقًا لاحتياجاتهم وتوسع أرباحها.
ووفقًا لشركة الاستشارات الإدارية الأمريكية "ماكنزي آند كومباني- McKinsey & Company" فإن سوق الاشتراكات الإلكترونية نما بأكثر من 100% في الفترة من عام 2013 إلى عام 2018 في الولايات المتحدة الأمريكية وهو أمر شجع المؤسسات المختلفة على تبني نموذج العمل القائم على الاشتراكات.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن نموذج العمل القائم على الاشتراكات يتناسب مع المؤسسات التي تقدم محتوى مثل: "نتفليكس- Netflix" و"سبوتيفاي- Spotif" أو تلك التي تقدم خدمات متكررة إلى عملائها إلا أنه لم يعد حكرًا عليها حيث تبنته أيضًا شركات السلع الاستهلاكية لاسيما تلك المتخصصة في صناعة الملابس ومنتجات النظافة الشخصية.
ولكي يتمكن رواد الأعمال من تطبيق نموذج العمل القائم على الاشتراكات على مشروعاتهم يتوجب عليهم مراعاة النقاط التالية:
يجب على أصحاب المشروعات الناشئة بعد تأكدهم من امتلاكهم منتج أو خدمة تلبي احتياجات جمهورهم تحديد هدفهم من تبني نظام الاشتراكات (تحقيق نمو أسرع، تحقيق المزيد من الإيرادات...)، لأن هذا الأمر سيساعدهم على بناء أفضل استراتيجية تسعير ممكنة لهم من خلال تحديد مواصفات العملاء المستهدفين وهيكلة مستويات التسعير والتأكد من مطابقة المميزات المقدمة لكل شريحة مع احتياجاتهم وقدراتهم على الدفع.
ويتعين التأكيد هنا على أن السعر هو السلاح الاستراتيجي الذي تستخدمه الشركات لاجتذاب العملاء في نموذج العمل هذا لأنه يساعدها على تحقيق أهدافها الثلاث الأهم وهم: الحصول على عملاء جدد، والاحتفاظ بالعملاء الحاليين، وخفض نسبة العملاء الذين لا يرغبون في تجديد الاشتراك.
يقوم نموذج العمل القائم على الاشتراك بالأساس على فكرة العضوية وعليه يعتمد نجاحه على طول المدى الزمني لاشتراك العملاء في الخدمة أكثر من كثرة عدد المشتركين، لهذا يجب أن تأخذ الشركة على عاتقها نشر ثقافة العضوية ومميزاتها بالإضافة إلى تطوير عروضها لكي تلبي احتياجات العملاء المتغيرة وتتماشى مع توقعاتهم تجاه الاشتراك الذي يدفعونه.
ويمكن أن نقول إن البدء في تطبيق نموذج العمل القائم على الاشتراكات يستلزم تنفيذ بعض التكتيكات لجذب العملاء لتجريب المنتج أو الخدمة المقدمة، مثل السماح لهم بتجريب القيمة التي توفرها وفي حال رغبتهم في التمتع بخدمات أكثر يتعين عليهم دفع المال في مقابلها.
كلما كانت خطوات إتمام الاشتراك سهلة وكانت تجربة العملاء رائعة سنجد أن استعداد الجمهور للدفع سيكون أعلى وستتمكن من الاحتفاظ بهم لأطول فترة ممكنة الأمر نفسه يتحقق حينما تتجاوز الشركة توقعات عملائها من خلال دراستها الجيدة لتفضيلاتهم، وعليه يجب أن يفهم رائد الأعمال الذي يطبق نموذج عمل الاشتراكات أن تركيزه الأكبر ينبغي أن ينصب على الأعضاء وتحقيق أعلى مستوى من الإشباع لهم.
وهنا علينا توضيح نقطة مهمة وهي رغم الأهمية القصوى للمشتركين في هذا النموذج إلا أن هذا لا يعني أنهم هم من يحددون التوجه الاستراتيجي للشركة لأنهم بهذا قد يتسببون في تعطيل تطوير بعض الخدمات المقدَمة لأنهم يتمسكون بتلك التي اعتادوا عليها، لهذا يتعين على أصحاب المشروعات الاستماع إلى الأعضاء الأقدم والأكثر ولاءً بالإضافة إلى المشتركين الأحدث ودراسة السوق للحصول على رؤية شاملة قبل اتخاذ قرارتهم.
وفي النهاية، يمكن أن نقول إن نجاح نموذج العمل القائم على الاشتراكات لم يأت من فراغ إذ أنه ساعد كثير من الشركات حول العالم على بناء مشروعات قوية قابلة للتوسع لأنه يضمن تدفق ثابت ويمكن التنبؤ به للدخل كما أنه ساعدهم على إقامة علاقات وطيدة مع العملاء وتلبية احتياجاتهم وتقديم تجربة استثنائية لهم، لهذا ليس مدهشًا أن تتبناه المزيد من المشروعات في المستقبل القريب خاصة أنه من المتوقع أن يرتفع الإنفاق على الاشتراكات الرقمية في الأيام المقبلة بسبب اتصال معظم الأجهزة التي نستخدمها بالإنترنت.
إقرأ أيضاً:
عندما نتحدث عن أوجه التشابه ما بين أكثر من 100 الف رائد
في سؤال تم نشره على موقع quora يستفهم صاحبه عن ماذا يمكن
على عكس جيل آبائنا، يتجه عديد من الشباب اليوم لعالم
7 أدوات هتساعدك في إدارة مشروعك ومهامكيمكن التحدي
في سؤال تم نشره على موقع quora يستفهم صاحبه عن ماذا يمكن
عندما نتحدث عن أوجه التشابه ما بين أكثر من 100 الف رائد
كلنا بنتعود نشترى احتياجاتنا من أقرب الاماكن لينا
أنا عندى فكرة مشروع هايلة بس ناقصنى التمويل .... أنا فيه
حينما نقرر الحديث عن العوامل الفارقة في ازدهار
على عكس جيل آبائنا، يتجه عديد من الشباب اليوم لعالم
7 أدوات هتساعدك في إدارة مشروعك ومهامكيمكن التحدي
في ناس كتير بنقابلها في حياتنا بتكون بتجمع بين