لا تسير عملية البيع بنجاح دائمًا كما هو متوقع، فحتى إذا قام البائع بتتبع جميع الخطوات الصحيحة في عملية صناعة المنتج والتسويق له وبيعه، قد تهدم جميع طموحاته أمام عميل محتمل لا يرغب في الشراء ومعترض عليه، فحتى إذا كانت معظم اعتراضاته غير منطقية وغير صحيحة، لا يجد البائع مفرًا سوى إحدى الأمرين، فأما أن يتنازل من أجل كسب رضا العميل والتعرض لخسارة غير محبذة، أو يدخل في جدال طويل قد يتحول إلى ضغينة شخصية بينه وبني العميل المحتمل، فما الحل الأنسب لأكثر المشاكل شيوعًا في عملية البيع وكيفية مواجهتها باحترافية ونجاح؟
دائمًا ما يتسائل خبراء مجال المبيعات حول كيفية التعامل مع اعتراضات العميل جيدًا، ولكن الإجابة يدخل فيها العديد من العوامل الإنسانية والتسويقية، مما جعله يخضع لمراحل كثيرة من البحث والتجربة حتى توصلوا إلى مجموعة من النصائح الأحترافية المجربة حول التعامل مع شكاوى العميل بنجاح، لكن قبل طرح هذه النصائح بالتفصيل، دعنا أولًا ندخل في أغوار العميل المعترض ونفهم لماذا يرفض المنتج أو الخدمة المقدمة من الأساس؟ !

ما أسباب اعتراض العميل المحتمل على المنتج المعروض؟
يقوم صاحب المنتج بدراسة متعمقة للسوق المستهدف، ثم يقوم بتصميم المنتج أو الخدمة بالشكل الذي يناسب العميل المحتمل ويلبى رغباته، ثم يقوم بحملة تسويقية احترافية تتمتع بالذكاء والقدرة على التأثير، ثم ينجح بالفعل في جذب العميل لرؤية المنتج وتجربته بصفة شخصية، ثم فجأة يتعرض المنتج للرفض! فلماذا يحدث هذا؟ !
يعد الاعتراض نوع من أنواع الحواجز النفسية التي تنشأ بين العميل المحتمل والمنتج المعروض، فبرغم من توافق صفات وخصائص المنتج لما يبحث عنه العميل، إلا أن ذلك لا يكفى لدفعة لاتخاذ قرار شرائي فوري، مما يدفعه إلى الاعتراض عليه لواحد أو أكثر من الأسباب الآتية:
- السعر غير مناسب: يعد السعر واحدًا من أهم الاعتراضات التي تواجه البائعين في مجال التسويق، فعادة ما يرى العملاء أن السعر لا يتناسب مع ما يتم تقديمه من منتجات، أو يرغبون في الحصول على نفس المميزات لكن بسعر أقل.
- غياب الدافع: عادة ما يجد المنتج عميلة المنشود، وقد تتوافر كافة الاحتياجات اللازمة التي تدفعه إلى التمتع بالخدمة، لكن غياب الحافز الملح الذى يدفعه إلى الشراء الفوري، يجعله يتعذر باعتذارات واهية حول كون المنتج غير مناسب له، أو لا وجود ضرورة لشرائه الآن، أو من الأفضل أن ينتظر فقد يأتي إصدار أفضل منه مستقبلًا، وكلها اعتذارات تندرج تحت بند غياب الدافع الملح، والذي يلعب دورا كبيرًا في حث العميل على الشراء أو الاعتراض عن الخدمة المقدمة.
- غياب الثقة: تلعب الثقة دورًا مهمة في عملية إقناع العميل بالخدمة أو المنتج المقدم، فعادة ما يفضل العملاء التعامل مع الشركات التي سبق لهم التجربة معهم قبلًا، لكن مع وجود شركة جديدة ومع تقديمها لخدمات جيدة، يواجه العملاء حينذاك صراعًا نفسيًا ما بين التعامل مع الشركات التي سبق لهم التعامل معها، ومابين المخاطرة مع شركة جديدة لا يعرفون عنها شيئًا، لذلك أكثر ما يواجه الشركات الناشئة م اعتراضات، ينشأ نتيجة غياب الثقة بينها وبين العملاء المختلفين، بالإضافة إلى ضعف دورها التسويقي بالتعريف عن خدماتها وما تقدمه من منتجات.
- تجربة سيئة: عادة ما يتشارك العملاء المحتملون تجاربهم الناجحة والسيئة سويًا، فينشأ نوع من العقل الجماعي الذي يستدعى تجارب الآخرين عند الشراء ويتحاشى التعرض لما تعرضوا له من خداع أو نصب، لذلك يحاول العملاء عند السؤال عن منتج أن يضعوا أنفسهم مكان العملاء الآخرين، ويعترضون على أي نقطة قد تدفعهم إلى الخضوع لنفس التجارب السيئة الأخرى، بالرغم أن نسبة احتمال ذلك لهم قد تكون ضئيلة، مذع ذلك يجدون هذه النقطة ذريعة كافية لاعتراضهم على الأمر.
- إعتراض عاطفي: وفيه يعترض العميل على شراء المنتج رغم اقتناعه ورغبته فيه، وذلك بسبب حدوث موقف غير مناسب معه أو سوء تعامل من مندوب المبيعات عند إجراء الصفقة البيعية، وهنا ينشأ حاجز عاطفي بين المنتج والعميل، بحيث يتحاشى العميل التعامل مع العلامة التجارية مجددًا لكي لا يتعرض لنفس الإحساس السلبي مرة أخرى.
- إعتراض على العلامة التجارية ذاتها: وهنا يكون العميل قد مر بالفعل بالعديد من التجارب السيئة مع العلامة التجارية المستهدفة، ولا يرغب في تكرارها مرة أخرى مهما كانت المغريات.
- إعتراض غير حقيقي: وهنا يتفوه العميل باسباب غير حقيقة تتعلق بالمنتج أو المؤسسة أو إحتياجاته ذاتها، وذلك هربًا من حصره في الزاوية أو لشعوره بالإحراج من رفض المنتج مباشرًا.
- غياب القيمة: وهنا يعترض العميل على المنتج لا لكونه لا يغطى إحتياجاته الأساسية أو يلبيها، ولكن لكونه لا يمنح قيمة إضافية له، فبجانب مناسبة المنتج لرغباته الاستهلاكية، إلا أن العميل يبحث عن ميزة تنافسية جيدة تجعله يقتنع بالمنتج 100% ويحصل على منفعة مضاعفة.
- الضغط للحصول على مكاسب إضافية: وهي حيلة يلجأ لها البعض من العملاء، حيث اعتادوا الحصول على مكاسب إضافية عندما يستعرضون العيوب التي يحتوى عليها المنتج أو من خلال إصدار الشكوى المتكررة، وهنا يتمتعون هم بنقطة نفوذ عليا تجعلهم يرغمون المؤسسة على تخفيض من سعر منتجها أو الحصول على عروض مميزة مقابل الرضا بالمنتج والتزام الصمت فيما يتعلق بشكواهم.
كل هذه الاعتراضات وأكثر يقابلها مسؤولي المبيعات في المتاجر والشركات ومنافذ البيع، ومع تنوع العملاء وكبر حجم السوق المستهدف، تتعقد هذه الاعتراضات ويصعب التعامل معها وحلها، لكن مع الاستعانة ببعض من نصائح خبراء علم المبيعات وتطبيقها، أمكن معرفة الطريقة المثالية لكيفية التعامل مع اعتراضات العميل بذكاء.

مع تنوع الاعتراضات وتنوع العملاء أنفسهم، كان لابد من وجود كود منظم لآلية التعامل مع العملاء وامتصاص شكواهم، بحيث تنظم هذه الآلية كل من:
- طريقة الاستماع إلى شكوى العملاء وفهمها والإنصات إلى النقاط الأهم فيها، بحيث يشعر العميل أن المؤسسة تهتم فعلًا بشكاوى وتستهدف في النهاية أن تمنحه منتج يلبى طلباته أكثر من أن تربح هي منه.
- ترجمة هذه الاعتراضات إلى نقاط محددة بحيث يسهل الرد على كل منها ومعالجة القصور فيها، وهنا يقوم مندوب المبيعات بتحليل كل نقطة جيدًا، ثم يقوم بالرد عليها بإحترافية، بحيث يحولها إلى وسيلة دفاعية يجيب فيها المشترى على اعتراضاته ويكتشف بنفسه ما يميز المنتج من نقاط وكان غافلًا عنها.
- إدارة الحوار بشكل احترافي بحيث لا يتحول إلى جدال مفرغ لا يؤدى إلى نتيجة حقيقية، وفيها يتحاشى مندوب المبيعات إحراج العميل أو حصره في الزواية، بل يشعره أن جميع اعتراضاته هي نقاط مرحب بها، لكن هناك منظور أخر غفل عن إدراكه وهو هنا لمساعدته في رؤيته.
- البعد عن شخصنة الاعتراضات والعمل على التعامل معها كونها نوع من أنواع التقييم الإيجابي المفيد للمؤسسة، وفيها يتعامل مسؤول المبيعات مع العميل المحتمل كونه فرصة لدراسة استجابات العملاء ورغباتهم المتجددة، بحيث ينقل هذه الشكاوى إلى الإدارة، وتراعى الاخيرة معالجة هذه النقاط في الإصدارات الأحدث من المنتج.
- تعلم إدارة المفاوضات والعمل للوصول إلى حالة ربح جماعية، بحيث يشعر العميل كونه إستفاد بشكل أو بأخر من التعامل مع المؤسسة، وأن المؤسسة منتحته نوع من الكياسة والتقدير الذى يجعله يرتبط بها عاطفيًا وتجاريًا بسرعة.
- معرفة ما وراء الاعتراض والعمل على حل المشاكل الحقيقية التي تعمل كحاجز بين المنتج والعميل، فإذا واجه المندوب إعتراضًا مزيفًا بسبب تجربة سابقة سيئة أو بسبب خوف من التعرض لمشكلة ما أو بسبب سمعة قديمة لشركة قد تم حلها، حينها يتدخل المندوب بمجموعة من مهارات الحديث التي يتمتع بها، ويقوم بتغيير الصورة النمطية التي تم تشكيلها بالاستعانة بمجموعة من الدلائل المنطقية والعاطفية المؤثرة.
- لمس الإحتياج الحقيقي للعميل والعمل على استغلالها لخلق حالة من الرغبة الفورية تجاه المنتج، بحيث يشعر العميل أن فرصة شراء المنتج محدودة، وأن اى تأخر في حسم القرار الشرائي، قد ينجم عنه خسارته للابد أو خسارة ما يحتويه من مزايا حصرية حالًا.
- تحليل إعتراض العميل ومعرفة ما إذا كان إعتراضًا حقيقًا أما يهدف إلى الحصول إلى المزيد من المصالح المكتسبة، ثم العمل وفقًا لما تقضيه النتيجة؛ فإذا كان إعتراض العميل حقيقًا، وجب على مندوب البيع أما العمل على إبراز المميزات التعويضية التي يضمها المنتج أو محاولة توضيح الزاوية الأخرى لهذا الإعتراض وكيف يشكل هذا ميزة في المنتج لا عيبًا، وإذا كان الأمر ناتج عن إعتراض غير حقيقي، وجب على مندوب المبيعات حينذاك تقصير الطريق على العميل، والرد على اعتراضاته مباشرة ودحضها بإحترافية لا تسبب إحراجًا للعميل أو تجعله يظهر بصورة غير منسابة أو تربى نوع من الضغينة الغير صحية للعمل أو لصورة العلامة التجارية.
- إبراز القيمة أو الميزة التنافسية التي يمتلكها المنتج لاسيما إذا كان الاعتراض ناجم عن رفض السعر أو الرغبة في تخفيضه؛ فهنا تكون مسؤولية مندوب المبيعات هو إظهار القيمة الحصرية التي يمنحها المنتج لصاحبه، والتى تجعل السعر يبدو زهيدًا للغاية مقارنة بما يكلفه الأمر حقًا، بل أن الامر يجدى جدًا في حالة ما إذا كان هناك منافسًا يقدم نفس المنتج ولكن بسعر أقل؛ فهنا على مندوبي المبيعات الاعتراف بتلك النقطة فعلًا وليس إنكارها، مع العمل على توضيح مستوى وجودة ما تقدمه مؤسسته مقارنة بالمؤسسات الأخرى. لكن هنا يجب عليه الابتعاد عن ذكر أسماء الشركات الأخرى بشكل صريح أو الذم فيهم أو إظهارهم بصورة سيئة؛ فهذا بجانب كونه يرسم صورة سيئة عن مستوى حرافيته، إلا أنه أيضًا قد يشكك العميل في مستوى صدقه وما إذا كان يقول ذلك بدافع من المنافسة الغير شريفة أو يحاول إخفاء شيئًا لا يرغب في إلقاء الضوء عليه.
- استعن دائمًا بالتجارب السابقة الإيجابية كدليل ملموس على صدق منتجك وجودة ما تقدمه للعملاء، فالشهادات الإيجابية من العملاء ولا سيما إذا كانت صادقة وحقيقية، تتمتع بنوع من جاذبية الإقناع والتى تجعل العملاء يثقون في المنتج ويمنفرصة للتجربة.
- اعرف رغبة العميل النهائية ومهد الطريق إليها، بحيث تستدرج العميل شيئًا فشيئًا نحو كشف رغباته الحقيقية وما يهدف إليه في النهاية من هذا الإعتراض، ثم العمل على الوصول إلى هذه النتيجة بأفضل صورة وأقل تكاليف.
- لا تسير وفق كتيب إرشادات واحد، فكل عميل يختلف عن الآخر ولكل منهم طريقة مختلفة في الإقناع، لذلك لا تتعامل مع العملاء من خلال صورة نمطية واحدة أو من خلال كتيب تعليمات محفوظ وحاول أن تتمحور مقابلاتك معهم على فهم الجوانب النفسية والعاطفية إتجاه اعتراضاتهم، ومن ثم قم بحل هذا الصراع النفسي من خلال مجموعة من الاستدلالات النفسية والمنطقية المقنعة.
- لا تجعل إقناع العميل هى مهمتك، فهذه النقطة ستحول الحديث إلى ساحة مناظرة يحاول كلا منكم كسب جهة الأخر، لكن حاول أن يدار الحديث من خلال مناقشة مثمرة بحيث تستطيع أنت من جهة فهم العميل وإقناعه، ويستطيع هو كسب الثقة فيك والإستماع إلى ما تقوله بإنصات.

مهمة إقناع العميل والرد على اعتراضاته بإحترافية، ليست بالمهمة الصعبة ولا بالمستحيلة، لكن المهم هنا عندما تبحث عن الطريقة المثالية لكيفية التعامل مع اعتراضات العميل، أن تفهم أن الأمر لا يتعلق بربح الصفقة البيعية وحصر العميل ودفعه نحو الشراء، بل بفهم أن النقطة الأهم هنا هو أن تكسب العميل لا لصفقة واحدة فحسب، بل لسلسلة من التعاون الدائم والممتد.
كيفية التعامل مع اعتراضات العميل سؤال لطالما شغل العاملين في مجال المبيعات لفترة طويلة، لذلك اهتمت المنصات التعليمية الإحترافية ولاسيما اعمل بيزنس بتوفير مجموعة من الكورسات المتخصصة لإيجاد الإجابة النموذجية لهذا السؤال، مع تعليم مجموعة من إستراتيجيات البيع الاحترافية المميزة على منصتها كذلك.
