تنفق الشركات الكثير في سبيل النجاح في الفوز بالعميل المستهدف، لكن كل هذه الجهود قد تذهب هباء عندما يتم فقد هذا العميل سريعًا بمجرد اشتراكه في الخدمة، وبدلًا من الاستثمار في جلب مزيد من العملاء بناء على تجربة هذا العميل الجيدة، تدفع الشركة ثمن خسارته بخسارة العملاء المحتملين من دائرته المقربة كذلك؛ مما يضاعف الجهود المبذولة سواء من الناحية التسويقية أو المالية في سبيل استعادة العميل مرة أخرى، بالإضافة إلى الجهود المبذولة بالفعل في سبيل جذب مزيد من العملاء المستهدفين.
مشكلة كهذا تعد واحدة من أهم المشاكل التي تواجه إدارة العملاء في أي مؤسسة احترافية ويتم تعريفها بمصطلح الـ Churn أو لغويًا باسم نسبة التموج، وهو مصطلح يتم إطلاقه على نسبة الفاقد من العملاء المشتركين بالفعل في الخدمة المقدمة من المؤسسة أو يتمتعون بتجربة فعلية بالمنتج، ثم يقررون فجأة التوقف عن التمتع بهذه الخدمات وترك التعامل مع المؤسسة.
تظهر هذه المشكلة بكثرة في الشركات الخدمية لاسيما التي يتطلب التعامل معها نوع من الاشتراك الشهري أو السنوي، كأن تلاحظ المؤسسة انخفاض في عدد المشتركين في الخدمة في نهاية كل شهر/ سنة مقارنة ببدايته/ا، أو يرفض عدد معين تجديد اشتراكهم أو ترشيح الغير للحصول على نفس المنتج أو انخفاض معدل التفاعل مع ما تقدمه المؤسسة من منتجات تدريجًا، لكن كيف يتم ملاحظة هذا المعدل وما هي أسبابه وكيف يتم حسابه وكذلك كيف يتم معالجته؟ كل هذا وأكثر سنناقشه بالتفصيل خلال الأسطر القادمة.
هل تساءلت يومًا لماذا يغادر عملائك المستهدفين خدماتك؟ لماذا لا يستكمل أحدهم خطوات الاشتراك المعدة مسبقًا؟ لماذا انسحب أحدهم من التمتع بخدماتك رغم دقة كافة الأساليب التسويقية والإنتاجية ومناسبتها لما يبحث عنه؟ لماذا تبدو الأرقام في نهاية الربع سنوي مختلفة تمامًا عن بدايته؟ لماذا قد يتحول ولاء عميل 100% نحو الدعاية والتسويق لمنتج منافس بدلًا من الدعاية لك؟ حسنًا كل هذا وأكثر يساعد مؤشر الـ Churn على إيجاد الإجابة النموذجية له؛ وذلك من خلال تتبع تجربة المستخدم من بداية حصوله على المنتج، وصولًا لنقطة عدم رضاه وتركه، وعادة ما تتنوع هذه الأسباب ما بين:
يغادر العميل المنتج أو الخدمة المقدمة عندما يكون هدفه الأساسي منها هو إشباع حاجة معينة، وبمجرد ما أن يتم إشباع هذه الحاجة يغادر الموقع ولا يقوم بتجديد اشتراكه أو يبحث عن خدمة أخرى معروضة فيه، وتظهر هذه النقطة بكثيرة لاسيما في مواقع الكورسات الإلكترونية أو برامج السوفت وير أو الـ tools التي يتم استخدامها بهدف تحليل أو إنجاز غرض معين، وبمجرد ما أن ينجح الكورس أو الأداة أو حتى البرنامج من تحقيق الهدف الذي تم الدفع من أجله، يغادر العميل المنصة ولا يعود إليها.
غالبًا ما يغادر العملاء الموقع الإلكتروني عندما يتفاجؤون أن المنتج أو الخدمة المقدمة لم ترقى إلى المستوى المطلوب، بل قد ينصدم البعض من كذب الوعود التي منحتها المؤسسة حول المنتج أو الخدمة، والتي تم استيضاح زيفها بعد دفع ثمن المنتج أو الاشتراك في العضوية، وهنا يضطر العميل مجبرًا إلى استكمال الشهر الأول من الاشتراك، وعندما يأتي موعد تجديد الخدمة يسارع بغلق الحساب، وقد يذهب بعض العملاء إلى أكثر من هذا ككتابة تقييمات سلبية تخص المنتج أو الخدمة المقدمة، أو التشهير بالعلامة التجارية على مواقع المنصات الاجتماعية.
عندما تتوقف المؤسسة على تحديث منتجاتها والعمل على تلبية رغبات عملائها بالشكل الذي يواكب متطلبات العصر وما يتضمنه من تحديثات، ينجح المنافسين حينذاك في الدفع برسائلهم الجذابة والمؤثر في قلب ولاء العملاء ودفعهم نحو تجربة جديدة مليئة بالمغريات التنافسية والفرص الحصرية التي لا يتمتعون بها مع شركتهم؛ فالعميل قبل كل شيء يبحث أولًا عن مصلحته الذاتية، ومهما كان ولائه للمؤسسة سيتجه نحو أفضل عرض يقدم له الجودة المطلوبة بالسعر والمواصفات الأنسب، لذلك إذا استمرت الشركات في تقديم نفس منتجاتها بدون تحديث دوري لمواصفاتها أو تصميمها أو حتى محتواها، فالانجذاب إلى رسائل المنافسين مرحلة سيصل إليها العملاء عاجلًا أو اجلًا في أي لحظة.
عندما يقوم العميل بشراء منتج أو الاشتراك في خدمة، فأول ما يبحث عنه هو وجود دعم فني قادر على مساعدته إذا واجه أي مشكلة، وكون الخدمات التي تواجه معدل Churn عالي هي الخدمات ذات الصفة التعاقدية والتي يتم الاشتراك فيها بصفة شهريًا أو دورية متجددة، فوجود دعم فني مدرب وذي خبرة وقادر على حل مشكلات العملاء والإجابة على أسئلتهم نقطة غير قابلة للنقاش أو الجدال حولها؛ لكن ما العمل عندما لا يجد العملاء أي مساعدة مجدية من هذا الدعم أو إجابة حقيقية لمشكلاتهم؟! يحدث ارتفاع في معدل التموج أو ما يعرف بالـ Churn Rate، وفيه يقرر العملاء ترك المؤسسة وذلك لانعدام الثقة في قدرتها على منحهم خدمة أفضل أو حل جذري لما يوجهوه من مشكلات.
أحيانًا ما تقوم المؤسسات بزيادة أسعار خدماتها بشكل لا يتناسب مع قدرة العملاء المستهدفين، وذلك بناء على تجديد في مستوى خدماتها أو تناسبًا مع التغير في أسعار العرض والطلب في السوق، لكن هذا التغيير قد يؤثر عكسيًا على العملاء المستهدفين حتى ولو كان المنتج أو الخدمة المقدمة مناسبة للسعر المقدم، وذلك لأن العملاء جميعهم لا يتمتعون بالقدر الشرائية ذاتها، وأحيانًا ما يبحث بعض الزبائن عن الأرخص ثمنًا حتى ولو كان المقدم ذات جودة وقيمة عالية.
بالنظر إلى الخمس أسباب السابقة، يمكنك أن تلخص أن أسباب ترك العملاء للخدمة أو المنتج المقدم عادة ما تتمحور حول (الحاجة، الجودة، القيمة، الخدمة، السعر) فإذا فشلت المؤسسة في تقديم أي من هذه العناصر بالشكل الذي يبحث عنه العميل ويرضى متطلباته، وجد ما يسمى بمعدل التموج Churn Rate.
يعرف الـ Churn بكونه النسبة أو المعدل الذي يتم استخدامه للإشارة إلى نسبة الفاقد في العملاء خلال فترة زمنية معينة، وهو مصطلح يتم استخدامه في الشركات التجارية ذات طابع الدفع المتكرر أو خاصية الاشتراك التعاقدي كشركات الخدمات التليفونية أو المجلات والجرائد التقليدية أو الإلكترونية وكذلك النشرات الإخبارية ومنصات التعلم الرقمي، بالإضافة إلى البرامج التقنية وكذلك الأدوات وخدمات الاستضافة وغيرها.
كل هذه الشركات تقدم لعميلها ما يشبه الخدمة المدفوعة المعلقة بمدة زمنية معنية، ما أن تنقضي هذه المدة، يتم منح العميل الاختيار ما بين تجديد الخدمة ومدها لفترة زمنية أطول مقابل اشتراك مادي مناسب، أو إلغاء الخدمة نهائيًا والتوقف عن دفع المال.
وبالرغم من أن معظم العملاء المشتركين في هذه الخدمات، تقوم المؤسسة بخلق نوع من الولاء الدائم معهم من خلال تقديم مجموع من الخدمات والعروض الحصرية خصيصًا لهم، إلا إن هذا لا ينجح كليًا في إنقاذهم من فرصة الانجذاب إلى رسائل المنافسين التشتتية أو أخذ قرار التخلي عن المؤسسة وعدم العودة لخدماتها مرة أخرى، لذلك تقوم المؤسسات باستخدام ما يعرف بمعدل التموج أو معدل الـ Churn وهو بدوره ما يساعدهم في ملاحظة نسبة الفاقد في هؤلاء العملاء، والعمل على حل أوجه القصور في العملية التسويقية وكذلك الإنتاجية في أسرع وقت.
يتم حساب معدل التموج Churn Rate طبقًا لمعادلة بسيطة يتم تطبيقها كالآتي:
معدل التموج Churn Rate = عدد العملاء الذين فقدتهم المؤسسة في نهاية الفترة الزمنية / عدد العملاء الكلي في بداية نفس الفترة * 100%
وهي معادلة رغم بساطتها إلا إن عملية تطبيقها لا تتم بنفس سهولة صياغتها، فالأمر هنا يتم شهريًا بصفة دوريًا متأثرًا بمجموعة من العوامل أهمها:
يمكن معرفة معدل الـ Churn Rate بسهولة من خلال استخدام أدوات التحليل الإحصائي الرقمية المتوفرة على الإنترنت، كما يمكن ملاحظته بسهولة من خلال معرفة كل من:
بالرغم من أن نسبة التموج المثالية والتي يسعى لها الجميع تمثل 0%، إلا إن النسبة الواقعية والتي تسعى الشركات إلى تحقيقها هي ما بين 1% إلى 7%، وكلما كان الرقم أصغر، كلما كان هذا جيدًا للعملية التجارية والتركيز على جذب المزيد من العملاء المستهدفين.
عندما ترغب في علاج مشكلة ما فأول ما قد ينصحك بيه أحدهم هو أن تبحث عن المصدر، وبما إننا ذكرنا سلفًا الأسباب التي تؤدى على مغادرة العميل للمنتج أو الخدمة المقدمة، فطبيعي أن تكون أسباب العلاج مشتقة من هذه الأسباب أيضًا كالآتي:
يعد معدل Churn واحدًا من أهم المعايير التي يتم استخدامها لقياس معدل نجاح الشركات في تحقيق هدفها من عدمه، وبالرغم من كون تحقيق فاقد في عدد العملاء أمرًا طبيعيًا ويحدث في مختلف أنواع الشركات، إلا أن ارتفاع هذه النسبة يعد مؤشرًا خطيرًا لا فقط في عجز المؤسسة عن الفوز برضا العملاء، بل أيضًا في كونها تسير نحو طريق الفشل لا محالة، فإذا كنت تبحث عن تمويل مناسب لمشروعك الصغير أو لشركتك الناشئة، أو ترغب في التركيز على عدد عملائك بدل من التعويض على الذين خسرتهم، فالنصيحة الأفضل لك هو أن تمنح معدل التموج Churn مزيدًا من الاهتمام والبدء في دراسته بدقة من الآن.
يمكنك زيارة منصة أكاديمية إعمل بيزنس الاحترافية للتمتع بمختلف الكورسات المتخصصة في مجالات الإدارة والتسويق، والذي يقدمها مجموعة من الخبراء والمدربين المحترفين.
عندما يأتي الحديث عن الفرق بين التنمية البشرية
في واقعة غريبة من نوعها، شهد العالم انقطاع خدمات
مجال الـHR دلوقتي بقا من أكتر المجالات المطلوبة فى سوق
هل تساءلت يومًا ما إذا كان الفضاء الإلكتروني قادر على
منذ أن استحوذ إيلون ماسك على تويتر ولا يمر يوم وإلا تجد
عندما يصبح طريق العمل ثقيلًا على النفس وتصبح كل دقيقة
يعد سؤال كيفية حساب معدل دوران المخزون واحدًا من
عندما يتعلق الأمر بمزاولة النشاط التجاري بشكل قانوني،
عندما تقول أرغب في تأسيس مشروع صغير براس مال 500 جنيه،
مجال الـHR دلوقتي بقا من أكتر المجالات المطلوبة فى سوق
تواجه شركات المقاولات مشاكل تتعلق بالعقود طويلة
يعد الشحن الدولى واحدة من المعضلات التي تواجه التجار