“بعد السلام والتحية..
عزيزي الـHR أنا لا أحترمك، أو بمعنى أدق أنا لا أثق بك نهائيًا ولا بالمكانة التي تشغلها، أتتساءل عن السبب وراء ذلك؟ السبب هو أنني دائمًا ألاحظ أنك تميل لجانب الشركة وتجري لمصلحتها أكثر مما تهتم بمصلحة الموظفين، عندنا نبحث عنك لا نجدك، وبدلًا عن تواصلك معي كموظف وتبني اهتمامك على أن تلبي احتياجاتي وتقوم بحل المشاكل التي أواجهها، تجلس في مكتبك بعيدًا ولا أراك متواجدًا عند حدوث الأزمات.

سامحني يا عزيزي، فنحن في أغلب الأوقات نظن أنا وزملائي أنك لا تملك الخبرة الكافية عند التعامل مع الخلافات والنزاعات بيننا، حين نقصدك في حل مشكلة مع أحد الزملاء أو المدير، تظل مدة كبيرة من الوقت تصل لشهورًا حتى تحل، وهذا في حالة تم حلها من الأساس فأنت في الغالب عند استلامك لمشاكل الموارد البشرية، لا تسمن ولا تغني من الجوع فيها ولا تبذل أي مجهودًا إطلاقًا نحو السعي في حلها، وتقوم بالتركيز فقط على الموضوعات الأقل أهمية عن الموضوعات المهمة والمؤثرة.

أكثر ما تركز عليه هو الالتزام بتطبيق سياسات العمل وواجبات الموظفين تجاه الشركة، وفي ذات الوقت تهمل أمورًا أهم بكثير كتحفيز الموظفين وتقديرهم أو ورفع معنوياتهم المنخفضة أو مساعدتهم على التكيف في بيئة العمل الجديدة، أيضًا في أغلب الأحيان نلاحظ أن لديك مشكلة في رؤية الجانب الإنساني للموظف، مثلما ترفض الإجازة المرضية لأحدهم بسبب أن الموظف لم يحضر لك ما يثبت وجود المرض، أو حين ترفض زيادة المرتب في ظل وجود تغير في الأسعار وغلاء في المعيشة.

أما أنا فلم أكتب هذه الرسالة حتى أقوم بتأنيب ضميرك أو لومك على أي شئ، لكني فقط أحببت أن ألفت نظرك لأشياء من الممكن أن تكون غير ملتفت لها ولا تعرف عنها شيئًا، فهي تصرفات تزعجني أنا وباقي زملائي وأعتقد أن جميع الموظفون يشتكون منها أيضًا، لكني أحببت أن أذكرها لك حتى تأخذ خطوة نحو وضع خطة مثالية في عملية إصلاح تلك السياسات التي تطبقها، وتجعلني للمرة الأخيرة أثق بك مرة أخرى.

دعني أحدثك عن أهم المشاكل التي يجب حلها فورًا يا عزيزي، وتقبل قولي بدعوتي لك بكلمة عزيزي فنحن لم نعد غريبي عن بعض إذا وصلت لهذه النقطة من قرائتك لرسالتي، فمن وجهة نظري كموظف في شركة أنت المسئول عن مواردها البشرية، أرى أنه من الممكن إصلاح تلك العيوب من خلال بضع خطوات بسيطة كالتالي:

الخطوة الأولى:

بما أنك من المفترض أن تؤدي دورك كوسيط بين الإدارة والموظفين بشكل موضوعي وحيادي وغير منحاز لأي طرف منهم، فيجب عليك أن توصل رغبات موظفين الشركة بكل شفافية إلى الإدارات المعنية، وبنفس الوقت إذا قررت الإدارة أي قرار ترى أنه من الممكن أن يصبح مؤثرًا على موظفيها ويسبب لهم الضرر مثل تخفيض الراتب أو تقليل الامتيازات، لا تقف مكتوفِ الأيدي وتنفذ الأوامر كالآلة، من اللازم أن تحاول توصيل صورة التأثير السلبي لهذه القرارات على الموظفين إلى الإدارة، ولا تيأس محاولاتك في الدفاع عنهم حتى تصل إلى حلول مرضية لكل الأطراف وتكفل جميع الحقوق سواء للشركة أو الموظف، وهذا بالطبع واجبك لأنك تمثل صوت الموظف عند الإدارة.

الخطوة الثانية:

يجب أن تسعى دائمًا بتقدير تعب الموظفين وتعترف بمجهودهم في تحقيق أهداف الشركة، سواء كان من خلال شكرهم أو تكريمهم ومنحهم زيادة في المرتب، فهذا سيحسن صورتك في أعين الموظفين وتجعلهم يشعرون بمزيد من الانتماء والولاء للشركة.

الخطوة الثالثة:

من الواجب عليك أن تقضي وقت أكبر مع موظفيك حتى تتعرف عليهم وتتقرب منهم، وتعرف احتياجاتهم ورغباتهم في العمل، وتقوم بتقديم النصائح عن كيفية تحسين أدائهم في العمل من خلال تقديم لهم البرامج التدريبية التي يحتاجونها، أو تقديم لهم المكافآت وتوفير لهم بيئة عمل أفضل، حتى يبذلوا أقصى ما عندهم ويعطون أفضل ما عندهم وهم راضون.

الخطوة الرابعة:

من المهم أن تقوم بمشاركة الموظفين جميع الحقائق المهمة والتقارير التي يجب أن يكونوا على علم بها، كمثال إذا تم حدوث خصم غير مبرر أو أُلغيت إجازة لأحد الموظفين، فيجب أن تخبرهم الأسباب الحقيقية جراء ذلك، بحسب مقال قد قرأته في Harvard Business Review يقول أن مشاركة الموظفين بالمعلومات مثل التقارير المالية وتوقعات الشركات والملاحظات من اجتماعات مجلس الإدارة ومقاييس الأداء الرئيسية، يجعل الموظفين يشعرون بوجود صدق وشفافية في التعامل وبالتالي أصبحوا يرون أن هناك أسباب منطقية لرفض مطالبهم.

الخطوة الخامسة:

من المفترض أن تتعامل مع الجميع بنفس الطريقة دون استثناء، فلا تفرق في معاملتك بين الموظف والمدير، وكمثال حي فإنه من غير المسموح للجميع التأخير أو الغياب أو بكسر أي قواعد دون إذن أو وجه حق، فكما تسعى مسرعًا لحل مشاكل المديرين، يجب أن تقوم بتقديم الحلول المناسبة لمشاكل الموظفين بنفس السرعة.

الخطوة السادسة:

يجب أن تتمتع بالشفافية خاصًة في أمور المرتبات والمسؤوليات المهنية بين الموظفين، بمعنى أنه ليس من العدل أن يكون هناك موظف يحصل على راتب 10 آلاف جنيهًا وموظف آخر كل ما يحصل عليه هو 5 آلاف جنيهًا فقط، مع العلم أنه لا يوجد أي فروق فيما بينهم من حيث المهارات أو الأداء أو الصلاحيات الممنوحة إليهم، فكن عادلًا في وضع نظام المرتبات ولا تفرق بين موظف وآخر.

الخطوة السابعة:

وفي الخطوة الأخيرة أنصحك بأن تفتح بابك في أي وقت ومتاحًا لاستقبال الموظفين تحت أي مسمى، وتكون موجودًا هناك لسماع مشاكلهم والتعاطف معها، بالإضافة إلى الإجابة على جميع تساؤلاتهم بشكل صريح وواضح.

وأخيرًا حتى لا أطيل عليك، أريد أن أقدم نصيحة أتمنى أن توصلها إلى المدير أو صاحب الشركة، من غير المعقول أن تقوم بتعيين موظفي قسم الموارد البشرية “Human Resources” بشكل عشوائي، بمعنى أنه لا يصح أن تجلب موظفين كانوا يعملون بوظائف وأقسام مختلفة لا تمت لقسم الموارد البشرية “HR” بصلة، وتمنحهم وظيفة الـ HR داخل الشركة.

فمع احترامي الشديد لهم، موظفو الموارد البشرية يجب أن يكون لهم دور كبير في نجاح الشركة والحفاظ على استقرار وراحة وتلبية رغبات الموظفين، ولا يقتصر دورهم في تخليص الأوراق والملفات، أو متابعة غياب وحضور الموظفين، لأن دورهم أكبر من تلك الأمور بكثير، وبسبب ذلك أنصحك أن تعيين موظفين لديهم من الخبرة الميدانية والمهارات اللازمة ما يكفي حتى يستحقوا تلك الوظيفة المحورية.

وحتى أوفر عليك الوقت، أنصحك أن تقوم بالاشتراك في دبلومة الموارد البشرية المقدمة من أكاديمية إعمل بيزنس، التي ستساعده في فهم كل ما يتعلق بأهمية الدور المحوري الذي تمثله في إدارة المؤسسات، وفهم كلا من الهيكل الوظيفي والوصف الوظيفي للـ HR، وآلية إجراء المقابلات وجذب واستقطاب الكفاءات، حتى وصولًا إلى تطوير الرأس المال البشري واستخدام مؤشرات القياس الأداء في العمل، بالإضافة إلى التعمق في فهم أهم القوانين الخاصة بالتأمينات والمعاشات.

ولك يا عزيزي كامل تحياتي الحارة وتمنياتي بالتوفيق"

التوقيع: موظف مجهول